إيفرمكتين Ivermectin الدواء العجيب... هل يفيد في حالة الوباء!

مشاركة


صحة وجمال

سوزان أبو سعيد ضو

"إنه يباع بمبلغ 150 ألف ليرة لكل حبة، عبر التهريب في لبنان، ويشفي بجرعة واحدة من وباء Covid-19" بهذه الرسالة وصفت صديقة لي دواء "إيفرمكتين" Ivermectin، وهو علاج بيطري للديدان وللحشرات الطفيلية، ولكنه وصف بالدواء العجيب منذ العام 2011، حيث تم وصفه لعلاج البشر، وتمت مقارنته بالبنسلين والأسبرين لعلاجه حالتين تتسببان بإصابات تشوه البشر، وهي داء الفيل وعمى الأنهر وتتسبب بهما أنواع من الديدان الطفيلية بالإضافة إلى علاج لأمراض أخرى، كما ونال الدكتور William C. Campbell والدكتور Satoshi Ōmura جائزة نوبل في العام 2015 لاكتشافهما مركب Avermictin الذي اشتق منه Ivermectin الذي ساهم بالقضاء على هذين المرضين المشوهين للبشر، فهل يفيد هذا العلاج في حالة وباء "كوفيد-19 الذي يتسبب به فيروس كورونا المستجد Sars-Cov2.

علاج عجيب


بداية، فهذا العلاج رخيص للغاية، ويستخدم على نطاق واسع في الطب البيطري، وسعره في لبنان هو سعر سوق سوداء لعدم توفره على شكل حبوب وحقن في لبنان، ووفقا لقائمة الأدوية في لبنان لا يوجد إلا على شكل كريمات لعلاج مرض الوردية Rosacea، وكما لا بد من الإشارة إلى مصدر هذا العلاج، وهي نوع من البكتيريا التي تتواجد في التربة، وتعالج به الديدان الطفيلية البشرية، والتي يقدر أنها تصيب ثلث سكان العالم وتنتشر بشكل خاص في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا وأميركا الوسطى والجنوبية، وهما عمى الأنهر الذي يعتبر السبب الثاني للعمى في العالم بعد التراخوما، وداء الفيل اللمفي، وسرعان ما أصبح الدواء المفضل والعجيب بسبب آثاره الفريدة والفعالة فضلا عن وعدم وجود آثار جانبية، وقد ساهم منذ العام 1988 بالقضاء على هذين المرضين، كما ويستخدم لعلاج الجرب والقمل، كما وأنه علاج بيطري للعديد من الديدان الطفيلية لدى الحيوانات ولعلاج القمل وأنواع من القراد والتي تتسبب بخسائر بالمليارات في مجال الثروة الحيوانية ولأغراض زراعية عدة.

البدايات


وكانت البداية مع Ivermectin في مجال كوفيد-19 دراسة لمعهد الطب الحيوي في جامعة موناش Monash الأسترالية حيث أظهر نتائج واعدة في مكافحة الفيروس، إنما داخل المختبر، وتوصلت الدراسة إلى أن جرعة واحدة من العقار يمكن أن توقف فيروس كورونا عن النمو داخل الخلايا.
أما السبب الذي جعلنا نسمع المزيد عن الإيفرمكتين مؤخرًا: فهو مجموعة من الأطباء تعرف بالـ FLCCC أو Front Line COVID-19 Critical Care Alliance .
وفي أوائل كانون الأول (ديسمبر)، عقد هؤلاء الأطباء مؤتمرا صحفيا، وأدلى أحدهم بشهادته في جلسة استماع لمجلس الشيوخ حول العلاجات المبكرة لـ COVID-19، وقد نشرت المجموعة مراجعاتها الخاصة فضلا عن تحليلها الخاص لدراسات الإيفرمكتين العالمية على موقعها الإلكتروني.
ووفقا لهذه المجموعة من الأطباء يحتوي الإيفرمكتين على مزيج خاص من الخصائص المضادة للفيروسات والمضادة للالتهابات التي تجعله مفيدًا بشكل وقائي ولعلاج وباء كوفيد-19 في المراحل المبكرة والمتأخرة.
فهل من الممكن أن يكون هذا العلاج مفيدا فعلا لهذه الحالات؟ وفقا لرئيس طب الرئة والرعاية الحرجة في مدرسة إيسترن فيرجينيا الطبية في نورفولك والمشارك في مجموعة FLCCC بول ماريك والحائز على دكتوراه في الطب وقد شارك في تأليف المراجعة والتحليل الذي يعتمد بشكل أساسي على دراسات من خارج الولايات المتحدة قال ماريك خلال مقابلة هاتفية لموقع Medscape: "الناس يموتون، نعالج المرضى، ليس لدينا متلازمة البرج العاجي حيث تخبر الناس بما يجب عليهم فعله، على الرغم من أنه ليس لديك فكرة عما تفعله."
فلا يرى أعضاء المجموعة، ومعظمهم من أطباء الرعاية الحرجة في مستشفيات الولايات المتحدة الأميركية، الحاجة إلى مزيد من البيانات ويجادلون بأنه سيكون من غير الأخلاقي إعطاء الدواء الوهمي Placebo للمرضى بالنظر إلى سلامة الإيفرمكتين الراسخة وفعاليته، لكن هذا يثير الكثير من علامات الإستفهام بين آخرين في هذا المجال.

تجارب في مجالات أخرى

 

وقد تم تشكيل FLCCC في آذار (مارس) 2020، في بداية وباء COVID-19 في الولايات المتحدة، قال ماريك: "كطريقة لإبقاء بعضنا البعض على اطلاع بأحدث علوم COVID-19، فأعضاء المجموعة كانوا يعرفون بعضهم البعض من قبل من خلال اهتمامهم المشترك بفيتامين سي C، والحث على تناوله".
وقد اشتهر ماريك في المجال بتطوير بروتوكول HAT لعلاج الإنتان (تسمم الدم نتيجة الإلتهابات البكتيرية) sepsis، والذي لم يخل أيضًا من الجدل، وهو مزيج من الهيدروكورتيزون وحمض الأسكوربيك (فيتامين ج) والثيامين. أثارت الدراسة الرصدية التي أجرتها مجموعته عام 2017 للبروتوكول، والتي نُشرت في المجلة العلميةCHEST، الإنتباه للمجموعة، ولكن لم يتم إثبات ذلك في التجارب اللاحقة، بما في ذلك دراسة ADRENAL (التي بحثت في الستيرويدات كعلاج وحيد)، ودراسة CITRIS-ALI التي درست العلاج بفيتامين C وحده وتجربة VITAMINS، التي جمعت المرضى بشكل عشوائي للعلاج بالبروتوكول كاملا، ولا زالت لم تعطي نتائج، كما أكملت دراسة VICTAS تسجيل المرضى لكنها لم تبلغ عن البيانات بعد.
بروتوكولات لعلاج الوباء
وفيما خص COVID-19، قال ماريك إن المجموعة قامت بتكييف البروتوكول الخاص به، باستخدام ستيرويد أكثر فعالية وإضافة مضاد للتخثر، إلى جانب عناصر أخرى. كان الاسم الجديد MATH +، للميثيل بريدنيزولون، وحمض الأسكوربيك، والثيامين، والهيبارين، بالإضافة إلى الستاتين، والزنك، وفيتامين د، والفاموتيدين، والميلاتونين، والمغنيسيوم. وأكد ماريك أن المجموعة استخدمت الستيرويدات في وقت تحذر فيه وكالات الصحة العامة الكبرى، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية والمعاهد الوطنية للصحة، من استخدامها.
ثم في حزيران (يونيو)، تم نشر تجربة RECOVERY، والتي أظهرت أن الديكساميثازون يقلل من خطر الوفاة لدى الأشخاص المصابين بـ COVID في المستشفى"، بالمقابل يواصل ماريك الدفاع عن ميثيل بريدنيزولون، وهو مركب أقوى من الديكساميثازون.
وقد نشرت المجموعة مؤخرًا تجربتها وملاحظاتها باستخدام MATH +لدى مرضى COVID-19 من مركزين طبيين وهما - Marik's و United Memorial Medical Center في هيوستن، حيث يقود قائد FLCCC آخر، جوزيف فارون Joseph Varon وهو مسؤول وحدة العناية الحرجة في هذا المركز الطبي، ونشر نتائج التجربة في مجلة Journal of Intensive Care Medicine وجاء في المقال العلمي: "معدل وفيات المستشفى في هذين المركزين من بين أكثر من 300 مريض تم علاجهم هو 5.1 بالمئة، وهو ما يمثل أكثر من 75 بالمئة انخفاضًا مطلقًا في خطر الوفيات مقارنة بمتوسط وفيات المستشفيات المنشور والبالغ 22.9 بالمئة بين مرضىCOVID-19، وقال بيير كوري، الرئيس الثالث لـ FLCCC، طبيب الرعاية الحرجة الذي عمل مؤخرًا في مركز Aurora St. Luke's الطبي " سوف يصرخ الجميع في مجال الطب بأن هذه الورقة ليست تجربة عشوائية محكومة randomized controlled trial أو RCT"، وأضاف:"لم نؤمن بالتجربة العشوائية، نعتقد أنه من المفترض أن نتحدث في مجال الطب ونستخدم خبرتنا. إذا كنت تقوم بعملك الطبي هذا منذ عقود، وتثق في تقييمك للمرض ومعرفتك بالطب، فلا بأس بعلاجك للمرضى وفقا لذلك".
حاليا قام ماريك وزملاؤه بتحديث البروتوكولات الخاصة بهم مرة أخرى، هذه المرة مع التركيز على العلاج المبكر، قال ماريك إنه "في حين أنه من المفترض استخدام الإيفرمكتين في وقت مبكر من الوباء، وذلك بفضل ورقة العلوم الأساسية الأسترالية، فلم تكن هناك بيانات وتجربة إكلينيكية كافية لتقديم المشورة بشأن استخدامه". (وقد حذرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA من استخدام الإيفرمكتين البيطري لدى البشر بعد الاهتمام بهذه الورقة العلمية".
ولكن منذ ذلك الحين، بدأت بعض الحكومات والمستشفيات في استخدام الدواء في محاولة للوقاية من COVID-19 أو علاجه.
لذلك أنشأت المجموعة بروتوكول I-MASK + الخاص، والذي يركز على الإيفرمكتين، ولكنه يتضمن أيضًا فيتامينات C و D، والكيرسيتين Quercetin، والزنك، والميلاتونين للوقاية، وإضافة الأسبرين، يمكن استخدام جرعات أعلى من بعض المكونات الفردية لعلاج المرضى الخارجيين في وقت مبكر. كما تؤكد المجموعة على ارتداء الأقنعة وغيرها من تدابير الصحة العامة لمنع انتقال المرض.

ماذا يقول العلم؟

يرى أعضاء FLCCC أن بياناتهم قوية، لكن العديد من الخبراء يختلفون مع تفسيرهم للعلاج.
فيما يتعلق باستخدام الإيفرمكتين للوقاية، تستشهد المجموعة بأربع تجارب إثنين منها في مصر، واحدة في الأرجنتين، وواحدة في بنغلادش، وكل منها مكونة بين 100 إلى 300 مريض. كما استشهد ماريك وزملاؤه "بتجارب طبيعية" في بيرو والبرازيل وباراغواي حيث تم استخدام الإيفرمكتين على نطاق واسع، مع "انخفاض كبير في عدد الحالات، بعد بدء استخدامه بفترة وجيزة".
بالنسبة للإيفرمكتين في حالات المرض الخفيف، يستشهدون بخمس تجارب، اثنتان منها في بنغلادش وواحدة في كل من العراق والبرازيل وإسبانيا، يتراوح عدد المرضى فيها من 24 مريضًا (إسبانيا) إلى 722 مريضًا (البرازيل).
أما بالنسبة للإيفرمكتين لدى المرضى في المستشفيات، فيستشهدون بأربع تجارب سريرية في مصر وإيران والهند وبنغلادش، تتراوح بين 72 إلى 400 مريض، كما يستشهدون بمجموعة من الدراسات القائمة على الملاحظة وسلسلة الحالات في كل من المرض الخفيف والشديد.
الدراسة الوحيدة التي أجريت في الولايات المتحدة كانت دراسة بأثر رجعي، نُشرت في مجلة CHEST العلمية، على 280 مريضًا في مستشفى في فلوريدا وأجرتها الطبيبة جوليانا راجتر وزملاؤها، من مركز بروارد هيلث الطبي، حيث تمت مقارنة علاج 173 مريضًا بإعطائهم الإيفرمكتين مع 107 مريضًا لم يحصلوا على العلاج. وجاء في الدراسة أن "معظم المرضى في كلا المجموعتين تلقوا أيضًا هيدروكسي كلوروكين أو أزيثروميسين أو كليهما".
قال كوري: "إذا أراد شخص ما استبعاد تلك الدراسات، وقال "إن أردت إجراء تجربة محكومة ذات شواهد مع الدواء الوهمي، فهذا يمثل مشكلة بالنسبة لي، إذلم أتمكن من قبول مريض في رعايتي وإعطاء الدواء الوهمي بمعرفة ما أعرفه عن الإيفرمكتين."
أكد كوري أن "أعضاء لجنة FLCCCيؤمنون بشدة بالطب القائم على الأدلة، لكننا نختلف مع الطريقة التي يمارس بها معظم الطب القائم على الأدلة، نعتقد أنهم منحازون جدًا نحو التجارب العشوائية المضبوطة ويرفضون تمامًا الأدلة من أي شيء سوى التجارب العشوائية. نعتقد أن هذا الأمر ضارًا ويفقد الكثير من البيانات القيمة "، مؤكدا أنه محبط من انتقاد الأدلة.
وقد قدم أندرو هيل Andrew Hill ، الحاصل على درجة الدكتوراه، وهو زميل باحث زائر في قسم الصيدلة بجامعة ليفربول في إنجلترا، مؤخرًا تحليلًا جامعا مشابهًا للبيانات الموجودة على الإيفرمكتين Meta Analysis، والذي تم نشره على موقع YouTube الأسبوع الماضي فقط. مؤيدا استنتاجات لجنة FLCCC، وأن هناك 56 تجربة على العلاج تجرى حاليا في مختلف أنحاء العالم.
وقال أعضاء من لجنة FLCCC إن منظمة الصحة العالمية قد تعاقدت مع هيل لإجراء مراجعة محدثة للأدلة على الإيفرمكتين.
وقد راجع زين شاغلا، طبيب الأمراض المعدية في جامعة ماكماستر في هاميلتون، أونتاريو، كل تجربة في مراجعة هيل في سلسلة تغريدات على تويتر، واصفا الدليل العام بأنه "درجة متدنية للغاية"، كما أنه غير سعيد لأن هيل نشرها على شكل فيديو.
قال شاغلا نريد أن تنشر هذه الدراسات بدلا من البحث عنها ومشاهدة مقاطع فيديو، وأنه إذا كانت هناك بالفعل إشارة للفعالية، فإنه كان يتوقع أن يدخل الإيفرمكتين في دراسة من نوع SOLIDARITYأو RECOVERY الآن".
وتابع شاغلا: "أريد أن ينجح الأمر، لكن في الوقت نفسه، يبدو هذا الأمر برمته وكأنه Deja Vu، في الشهرين الأولين من الجائحة عندما لم نتخذ قرارًا بشأن هيدروكسي كلوروكوين، ولا نريد أن يتكرر الأمر، وأن نحضر بعد حوالي عام لنقول إن هذا العلاج لم يساعد المرضى".

لا مصالح مالية

قال كوري إنه علم لأول مرة بعمل هيل في منتصف كانون الأول (ديسمبر) خلال مؤتمر استمر 3 أيام حول الإيفرمكتين لعلاج COVID-19 برعاية MedinCell، وهي شركة تكنولوجيا حيوية فرنسية تدرس الإيفرمكتين عن طريق الحقن للوقاية من COVID-19.
وقال كوري إنه تلقى دعوة لإلقاء المحاضرة الافتتاحية، كما أكد كوري وماريك وفارون إنهم ليس لديهم علاقات مالية مع أي شركات تصنّع هذا العقار.

الخلاصة


لا زال هناك الكثير من الشكوك حول استخدام هذا العقار للوقاية أو لعلاج الوباء الذي اجتاح العالم، وعلى الرغم من مروحة الأمان للإيفرمكتين، فإنه يتطلب المزيد من الدراسات المعمقة للتأكد من فعاليته، وكيفية استخدامه وجرعته أو كبروتوكول في الحالات المختلفة من الوباء.

بتصرف عن Medpage

 







مقالات ذات صلة