"حياة ماغي العجيبة"... رحلة كلبة معنفة من بيروت إلى بريطانيا وتحولها إلى مساعدة الناس

مشاركة


خاص اليسار

سوزان أبو سعيد ضو

كانت الكلبة ماغي Maggie هدفا لإطلاق النار عليها في شوارع بيروت، إذ يعتقد الأطباء البيطريون في بريطانيا الذين عاينوها، أنها أصيبت بطلقات لا تعد خلال حياتها، وهي أيضا عمياء وتفتقد أذنًا، وعلى الرغم من كل هذا، فقد تحولت ماغي من كلب شارع معنف في لبنان، إلى كلب علاج لمساعدة الناس في بريطانيا، وتعيش حاليا مع كاسي كارلين Kasey Carlin التي كتبت رحلة معاناة ماغي في بيروت وحياتها القاتمة هناك، حتى إنقاذها ووصولها إلى المملكة المتحدة في العام 2018.

Maggie-the-Wonder-Dog - Our Funny Little Site

هذه المقتطفات الحصرية في هذا المقال، مترجمة مما أوردته صحيفة "الميرور" البريطانية من كتاب كاسي الذي يروي قصة ماغي وكيف أن روح ماغي رغم كل ما عانته لم تكسر أبدًا.

وكتبت كاسي في كتابها تحت عنوان "قصة ماغي العجيبة" The Miraculous Life of Maggie "إنه يوم حارق في بيروت وكلبة شقراء بلون شاحب مستلقية ورأسها منخفض نحو الأرض، مقيدة إلى عربة، ويدل انتفاخ بطنها أنها حامل بجراء، ولا يمكنها التحرك بحثًا عن الطعام، وتعتمد في غذائها على الأشخاص التي تسمعهم يمرون قربها، كونها لا تستطيع الرؤية، فعيناها ذات اللون الخريفي البرتقالي البني الجميل، أصبحت مغلقة تماما، بسبب العدوى التي أصابتهما، بعد طلقات أصابت وجهها وجسدها، والأسوأ أنها لا تعرف أين هي".

وتابعت كاسي "في وقت ما، تم كسر فكها، وتمت إزالة أذنها اليسرى بوحشية ، تاركة بقعة مشوهة من الغضروف المغطى بالفرو، وإذا وضعت يدك على فروها ستشعر بنتوءات، هي بقايا الرصاصات الصغيرة التي لا تزال داخلها".

وكتبت كاسي: "في لبنان، من الطبيعي أن ترى كلبًا في حالة سيئة، لكن ماغي حصلت على فرصة حياة جديدة من قبل رجل يدعى حسين حمزة Houssein Hamze، يدير مأوى للكلاب في الريف خارج بيروت، إذ تلقى  اتصالاً من صديق ، قائلاً له إنه وجد كلبًا تعرض لتعنيف وإساءة معاملة شديدة، وأن الكلب بحاجة ماسة للمساعدة".

قصة منقذ الكلاب والقطط في لبنان (فيديو وصور) - Sputnik Arabic

وأشارت كاسي: "لم يتردد حسين، ووجد الكلبة مصابة بشكل مروع، وضعيفة وجائعة وحامل، وأحضرها على الفور إلى ملجأه، لم يكن متأكدًا مما حدث لها، ولكن ملامسة فراءها الخشن المليء بالكتل والنتوءات الصغيرة، ولحظ أن الأمر الأكثر ترجيحًا، هو أن هذا المخلوق الضعيف قد تعرض للهجوم بصورة عشوائية ومتتالية، وتم إطلاق النار عليها".

لبناني ينقذ أكثر من 250 قطة وكلب ضال | مجلة سيدتي

وكتبت كاسي: "كانت ماغي مرعوبة ومتقلبة المزاج في طريقها إلى ملجأ حسين، وقد انزعجت من وجودها حول الناس، بسبب الصدمة الشديدة التي عانت منها، وأضطر حسين إلى وضع سلسلة عليها لمنعها من الفرار، وكان مصمماً على الاحتفاظ بها، حتى تحصل على المساعدة التي تحتاجها وعلى منزل جديد، ولكن بالفعل واجه قرارا رهيبا، كان يعلم أنه عندما تنجب الكلبة، لن يرغب أحد في أخذ الجراء، خصوصا بسبب وضعها العام، لذلك اتخذ القرار الأفضل الذي يستطيعه في حالتها، بإنهاء الحمل، فهذه الجراء الصغيرة لم يكن لديها أمل بالحياة، وعندما تم إنهاء حملها، تم تعقيمها أيضًا من أجل سلامتها وصحتها".

وأضافت كاسي: "كانت عينا المخلوق الضعيف لا تزال مفتوحة عندما وصلت إلى مركز الإنقاذ، لكنها كانت في الأساس مجرد تجاويف، لذا أخذها حسين إلى الطبيب البيطري، حيث تم إعطاؤها المضادات الحيوية لإزالة العدوى التي دمرت عينيها، كان يعلم أنه يجب إزالة عينيها بشكل دائم في وقت لاحق، لكن حسين كان يعلم أيضًا أن تكلفة الجراحة ستشكل مشكلة خطيرة بالنسبة له، فعلى الرغم من تكريسه حياته وعمله للحيوانات، لم يكن لدى حسين ببساطة الأموال اللازمة لمواصلة دفع الفواتير البيطرية، لذلك نشر على العديد من مجموعات الإنقاذ على Facebook لمعرفة ما إذا كان هناك أي شخص يمكنه تبني هذا المخلوق، ومساعدته بالتكفل بمصاريف العلاج، لتثمر جهوده في النهاية".

Maggie The Wonder Dog on Instagram: “PLEASE READ AND SHARE WITH ...

وكتبت كاسي: "فقد وصلت ماغي إلى المملكة المتحدة في أيلول/سبتمبر 2018، بعد أن جمعت امرأة لطيفة تدعى روكسانا، ولديها بالفعل كلب أنقذته من لبنان، ما يكفي من المال لإحضارها إلى بريطانيا، إلا أن روكسانا لم تستطع أن تبني ماغي بنفسها، ولكن بمساعدة مجموعة رعاية الحيوانات Wild at Heart Foundation ، قاموا بجمعنا معًا".

وتتذكر كاسي ما حدث: "عندما رأيت صورة لماغي منشورة على صفحة المؤسسة على فيسبوك، تغيرت حياتي إلى الأبد. وعندما حان الوقت أخيرًا لإحضارها إلى منزلها، كانت عكس ما كنت أتوقعه، فعلى الرغم من ماضيها العنيف، كانت مخلوقة محبة وموثوقة بشكل مذهل، كل ما أرادته هو العاطفة والمودة، وفي اللحظة التي أخذتها بين ذراعي وعانقتها لأول مرة، تلاشيت تماما، فلم أستطع التوقف عن البكاء حول جمالها، كان لديها هذا الدفء المذهل الذي بدا أنه يشع ويستحوذ على كل من حولها، بالنسبة لي، كانت مثالية، بمجرد أن التقيت بها، كان الأمر كما لو كانت تقول لي، (ها أنا ذا، سوف تحيبني)،  لم أكن بحاجة إلى أي إقناع، كانت هذه واحدة من أجمل اللحظات التي مررت بها في حياتي".

 

Meet Maggie 'The Wonder Dog' who survived after being shot 17 ...

وكتبت كاسي: " لم أستطع تصديق مدى قوة ومرونة هذه الكلبة المسكينة، التي أسيء معاملتها وضربها وإطلاق النار عليها، بأنها أخذت الحياة خطوة بخطوة، لقد عانت كثيرًا لفترة طويلة، ولكن الآن يبدو أنها تتقبل واقعها وتتكيف مع كل ما يحدث، كانت هناك لحظات حيث كانت تتصرف فجأة مثل أي كلب عادي، مثل المرة الأولى التي رميت بها كرة لها، في تلك اللحظة، أدهشني حقًا كيف، على الرغم من العمى، على الرغم من فقدان أذنها وفكها المكسور، كانت ماغي مثل أي كلب عادي، فلا بد أنها كانت قد لعبت بهذه الطريقة في الماضي، قبل إصاباتها، وكانت كل هذه الأمور لا تزال موجودة داخلها".

ولحظت كاسي أنه "لكن لم أستطع إلا ملاحظة المزيد والمزيد من النتوءات والآثار على جلدها بعد ملاعبتها، ربما تكون قد أخفتها طبقات الجلد والدهون من قبل، وكانت هناك ثلاث مرات أخرى، وجدت فيها القليل من الخدوش الحمراء في جلدها، بدا أن العلامات تظهر دائمًا على الأجزاء النحيفة في جسدها، ساقيها الأماميتين، وجانبها وجانب وجهها ورقبتها، كنت أعلم أنها لا تزال تعاني من آلام عرضية، خصوصا حول ساقيها الأماميتين، وبدأت أتساءل عما إذا كانت العلامات لها علاقة بالإصابات التي تعرضت لها في الماضي.، وبعد أيام قليلة من ظهور العلامات، ظهرت حبيبات صغيرة مستديرة على الأرض بجانبها ، كما لو أنها أتت من العدم، تساءلت عما إذا كانت تلك الكريات الصغيرة نوعًا من القراد (حشرات طفيلية)، لكني كنت أفحصها باستمرار، إلا أن احتمالية أكثر قتامة عبرت بخاطري، هل يمكن أن تكون بقايا الرصاص، التي لا تزال في جسدها من تجربتها المؤلمة في لبنان، وأن جسدها يلفظها تباعا؟".

Maggie The Wonder Dog on Instagram: “Officer Maggie reporting for ...

وأشارت:" منذ اليوم الذي اقتنيت فيه ماغي، تعاملت بشكل مذهل مع عيوبها الجسدية، لكن هذا لا يعني أنها لم تتسبب لها في أي مشاكل، فما زال عماها وفقدان أذنها وكسر فكها وساقيها يسببان لها انزعاجًا عرضيًا، وفي النهاية جاء اليوم الذي اضطررت فيه إلى اصطحابها إلى الطبيب البيطري، لإصلاح أسنانها وإزالة بقايا أسنان مكسورة، كانت الجراحة لدى الطبيب البيطري محزنة، ولكن لحسن الحظ، كانت عملية ماجي ناجحة تمامًا وسارت على ما يرام".

وتابعت كاسي: "لكن الطبيب البيطري قال لي بعد ذلك: "لقد كنت على حق بشأن هذه الكتل تحت جلد ماغي، إنها بقايا رصاص أطلقت عليها، وتلك الكريات التي كنت تجديها على الأرض، هي شظايا الرصاص وهي تخرج من جسدها، لقد صدمت حقا، على الرغم من أنه لا ينبغي أن يكون مفاجأة حقا، وأجبته أنه عندما حصلت عليها لأول مرة، قال رجال الإنقاذ عن ماغي أنهم يعتقدون أنها تعرضت لإطلاق النار 17 مرة،  لكنني رأيت بالفعل خمسة حبيبات تخرج منها، هل وجدت فيها المزيد من الكريات، أو هل هناك عدد أقل مما كنا نعتقد، وقتها هز الطبيب البيطري رأسه، قائلا: أكثر...اكثر كثير، وعندما استفسرت أكثر، أجابني، لا توجد طريقة لقول هذا بطريقة ألطف، ولكن هناك العديد من بقايا وشظايا الرصاص في جسد ماغي بحيث يستحيل عدها جميعا، وعندما سألت إن كان عددها 20، عندها أظهر صورة الأشعة السينية، وذهلت إذ كان الرصاص في كل مكان، حرفياً ، كان رأسها وجسدها بالكامل مليئين بها، وأحصيت ما يزيد عن 70 بقايا في كتفها وحده، فكيف يمكن لماغي أن تكون كلبًا إيجابيًا ومحبًا للمرح ، ومع ذلك كانت إصاباتها أسوأ بكثير مما كنت أتخيله؟، كان الطبيب البيطري على حق - سيكون من المستحيل إحصاءها جميعًا، والطريقة الوحيدة التي تمكنا حقًا من تقييم وضعها، كانت من خلال إجراء فحص بالأشعة المقطعية CT scan، لكن ذلك كان سيكلف الكثير من المال، ولا يبدو أنه يستحق ذلك، كما لم أرغب في إخضاعها لأي صدمة أكثر مما كان ضروريًا"، كما أخبرني الطبيب البيطري أن الكريات موجودة في طبقات عميقة من الجلد،  لذا كانت استنتاجاته هي أن ماغي تم إطلاق النار عليها ثلاث أو أربع مرات من مسافة قريبة بسلاح معين، ثم بسلاح BB من مسافة أبعد، كنت أعلم بالفعل أن ماغي قد نجت من بعض التجارب المروعة ، لكن الأمر كان كثيرًا للغاية، وكانت الكريات لا تزال على نفس الشكل الذي كانت عليه عندما خرجت من المسدس واستقرت في جسدها، وكان أفضل شيء فعله لماغي هو ترك الكريات في الوقت الحالي، كان هناك الكثير منها لدرجة أنه سيكون من المؤلم للغاية محاولة إزالتها جميعًا".

وتابعت كاسي لقد راقبت ماغي عن كثب في الأسابيع التي أعقبت العملية، واكتشفي مدى إصابتها السيئة في لبنان، بمجرد أن بدأت في التعافي، قررت أن أبدأ حساب Instagram لـ Maggie وانطلقت شهرتها على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى قبل أن تلتقط إحدى الصحف المحلية قصة نجاتها، كان لدى ماجي 30 ألف متابع عبر الإنترنت، وحاليا ازداد متابعوها، (حساب الإنستاغرام يوجد فيه حوالي نصف مليون متابع)، وفجأة أصبح لدي شخصية شهيرة بين يدي، وسرعان ما كنا في برامج مشهورة مثل "هذا الصباح" This Morning و "ذا ون شو" The One Show، لسرد قصة ماغي العالمية".

وقالت كاسي: "من الجنون الاعتقاد أنه عندما تبنيتها لأول مرة، اعتقد بعض الناس أن ماغي كانت متضررة جدًا، لدرجة أنه يجب أن يتم إعطاءها إبرة الموت الرحيم، فقط انظر إليها الآن، إنها دليل على أن كل شيء ممكن،  أشعر أنني محظوظة للغاية لأننا التقينا بالعديد من الأشخاص الرائعين على طول الطريق، حيث انتقلت ماغي من كلب شارع مرعوب إلى نجمة واثقة بنفسها للغاية، فكل شخص التقته لعب دورًا وساعدها، حتى إذا كان الأمر ببساطة الإعجاب بإحدى مشاركاتها أو إعطائها القليل من الحنان، فقد أحدث كل ذلك فرقًا، هذا كله يجعلني أشعر بالفخر أنها قادرة على فعل الكثير. لو كنت مكانها ومررت بما مرت به، أعتقد أنني كنت سأستسلم منذ فترة طويلة".

وختمت كاسي: "ولكن، هل سأفعل ذلك حقا؟ أعتقد، أننا جميعًا في أعماقنا، أقوى مما نعرف. كل ما يتطلبه الأمر هو القليل من الحب والدعم من شخص ما ليتبين لنا ذلك، على الرغم من كل ما مرت به ماغي ، فهي لا زالت تحب، وتثق وتهتم بغيرها، وإذا لم يكن هذا سببًا رائعًا ليكون كل منا مثل ماغي، فلا أعرف أي سبب آخر، فكل من حاول كسر روحها وأخذ حياتها منها، قد فشل، فروح ماغي غير قابلة للتدمير. لقد عانت أكثر من أي روح حية على الإطلاق، ومع ذلك وجدت أنها في حد ذاتها تغفر وتتقدم وتعيش أفضل أيام حياتها، فأن تكون قادرًا على الثقة بالناس مرة أخرى، عندما يتم تحدي تلك الثقة مرارًا وتكرارًا، هو أمر لا يمكن تصديقه، الآن تستمر ماغي بأخذ كل شيء على مهل، لأنها اضطرت إلى تحمل الكثير في مثل هذا الوقت القصير، إذ أن عمرها بين الرابعة والخامسة، ولقد مرت بالكثير وما لا يصدق لكلب في عمرها، في الواقع، لكلب من أي عمر. أعتقد أن هذا ما جعلها مرنة للغاية ولا تشعر بالخوف الآن، ولو أخبرتني قبل عامين أنه سيكون لدي كلب لديه إعاقة، سيصبح معروفًا للغاية لدرجة أننا سنكون مدعوين للظهور في البرامج التلفزيونية في وقت الذروة ، لكنت قد ضحكت حقا".

في النهاية، هناك جنود مجهولون، يسهرون الليالي ويتابعون حالات في طرق لبنان، وينقذون حيوانات وطيور من كافة الأنواع، سواء حيوانات شوارع أو حيوانات برية، أو أخرى يتم المتاجرة بها، وحتى الحيوانات البحرية، التي يتم إنقاذها من الشباك والإصابات المختلفة، بالمقابل، هناك من يتفرج كأنه يشاهد شيئا غريبا، والبعض يطلق النكات والأحكام، لا بل يتعرض عدد من الناشطين للملاحقة القانونية في دفاعهم عن الحيوانات، وهناك أشخاص يميلون إلى العنف، وإيذاء الحيوانات عمدا، أو التخلي عنها، وإطلاق النار عليها للتسلية كما في حالة ماغي، كما لا يجب أن ننسى فنون الصيد الجائر في لبنان، وممارسات بعض الصيادين اللامسؤولة، لا ندري ما المتعة التي يجدها كل هؤلاء، أمام نعمة الحياة التي تزهر في شرايين هذه المخلوقات، التي لا تطلب شيئا، بل أن تترك لتستطيع الحياة واللعب، وأن تلعب دورها كما خطه الله لها.

لبناني ينقذ أكثر من 250 قطة وكلب ضال | مجلة سيدتي

مترجمة بتصرف عن: The Mirror







مقالات ذات صلة