الديناميت "ينسف" بحر القليلة!
فاديا جمعة
منذ فترة استيقظ الخامسة فجرا، أنهض من سريري فيما ينسج الصباح خيوطه الأولى، أغسل وجهي على عجل، أرتدي ثياب العمل، خفيفة بسيطة، وأتوجه نحو شاطئ المنصوري بحثا عن الحياة، هناك حيث الجمال ينهَدُ كل يوم من وراء العتم، هناك، حيث يطل الفرح شالا مغزولا من شغف وعطر.
ابدأ جولتي تحت اشراف الناشطة والحارسة ل "حمى المنصوري" منى خليل وبرفقة عـلي وعيسى، وأحيانا بعض من تطوعوا للحب والفرح، نتوجه نحو الشاطئ، نراقبه، ننظفه نسعى وراء أثر سلحفاة قدمت لتضع بيوضها، نبحث عنها لا لنحصل عليها إنما لنحميهم من السرقة، من العبث، ومن الحيوانات التي قد يطيب لها أن تخرب اعشاشها وتستولي على البيوض إياها، هذا موجز صغير من رحلة البحث اليومية في المدى اللامتناهي للمتوسط الهادر موجه بإيقاع يلهم الرملَ أن يفرش سجاجيد الضوء دهشةً وزبدا.
ساحدثكم عن الفرح، عن السعادة، عن الأمل وهو يشرق في عيوننا كلما عثرنا على عش، أما عن الطاقة التي نختزنها من هذا العمل والتواجد في مكان جميل كشاطئ حمى المنصوري، فلا يسعني إلا أن أبتسم مع نفس عميق يقيني تعب النهار القادم، ويمدني بالقوة لكي استمر مع كامل ضغوطات الحياة اليومية ومتاعبها.
ما حدث اليوم وحدث من قبل، وسيحدث إن لم توضع حدود لذلك، ينسف كل فرح، كل محاولاتنا ومحاولات غيرنا في العمل من أجل الاستدامة والبقاء، فعند السادسة والنصف صباحا تستوقفنا أصوات انفجارات متتالية، فنلتفت إلى البحر، لكن لا نرى شيئا، وحده الصوت كان قريبا جدا، إنه الديناميت المستمر منذ سنوات في بحر القليلة، وكنا قد ناشدنا من أجل إيقافه دون جدوى، علما أن هذا العمل السافر ممنوع، وممنوع تحت أعين المتواجدين وآذانهم الصماء عنه لسبب أو لآخر.
لم تتحرك إلى اليوم في المنطقة الجهات الأمنية لتوقيف أحدهم، هل سمعت الصوت كما سمعناه؟ هل من الصعب عليها ان تعلم من هم، وهي المتواجدة في المنطقة لحمايتها؟ وهل يعقل أن أعلم بأن أحد المطاعم في المنطقة يشتري هذه الاسماك وهي لا تعلم؟
لم أجد اي تفسير لهذا الصمت، ولم أجد سوى الكتابة سبيلا للتعبير عن ألمي وعن استيائي من هذه الممارسات، خصوصا وأن شاطئ القليلة لا يقل أهمية عن شاطى المنصوري المجاور، فكلاهما أُعلنا حمى بقرار بلدي، ولكن في المنصوري ثمة من يتابع ويهتم ويرعى ويراقب، وفي القليلة لا أحد يكترث.
برسم وزارة الزراعة وخفر السواحل والقوى الأمنية أضع ما كتبت، واعتبره بلاغا بانتظار التحرك لمنع هذه الجريمة المستمرة!