الجية ترحب بكم... دواخين التلوث والعمر الإفتراضي للسلطة!

مشاركة


خاص اليسار

 


أنور عقل ضو
إذا ما نظرنا إلى واقعنا الكهربائي في لبنان عموما، نصل إلى قناعة راسخة بأن اللبنانيين يطاولهم التلوث من معامل الإنتاج أكثر بكثير مما ينالون من كهرباء، حتى يكاد الموت أن يكون بديلا للضوء، فيما الخوف أن يصبح العتم "مطلبا" درءا لمرض في ظل سلطة عاجزة ومتورطة بصفقات، سابقا وراهنا، وما قضية "الفيول المغشوش" إلا فصلا في عرض كهربائي متواصل، ودائما في فضاء الفساد، أبطاله معروفون في "سينوغرافيا" طائفية، ولئن تبدلت الأدوار وجاء لاعبون آخرون على قاعدة "بروح العاشق بيجي المشتاق" يبقى الـمُخرج واحدا، متمثلا بمنظومة تحالف السلطة بالتكافل والتضامن تمعن في قضم حقوق الناس واستباحة أمنهم من الصحة إلى الغذاء وودائع مصادرة.

"شاهد ما شفش حاجة"

وكما في كل الملفات العالقة، واتت رياح "كورونا" سفينة الحكومة، تبدلت الأولويات، غابت المناشدات والتحركات، إلا في حدود المطالبة بلقمة العيش، أما فائض التلوث من معامل الإنتاج ومولدات خاصة فمرشح للزيادة، ليبقى اللبنانيون عرضة لموت ممهور بفساد رسمي، يتلطى اليوم خلف تعبئة عامة لمواجهة الجائحة، وخطة اقتصادية بحاجة لخطة تنتشلها من حضيض الفوضى وتضارب الصلاحيات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئيس الحكومة "شاهد ما شفش حاجة".

مشهد سوريـالي

على الطريق الساحلية من الجنوب إلى بيروت مشهد يختصر إرث الفساد، قديمه والمستجد، خصوصا حين "ترحب" بك الجية عبر لافتة باذخة على خلفية تظهر فيها سحب الدخان من معمل الجية الحراري والباخرة التركية الرابضة أمامه، وسوريالية المشهد نافرة ومستفزة، لا سيما وأن مشكلة لبنان تظل أكبر من "تيار كهربائي" غائب و"فولتات" ضائعة ومعامل حرارية تصلح للعرض في متاحف، ورابضة في أمكنة يظن الناظر إليها أنها قائمة في "بورة" مخصصة لجمع الخردة، كما هو حال معمل الجية الحراري الذي قيمت أوضاعه لجنة من المهندسين الفرنسيين قبل سنوات عدة وخلصت إلى أن عمره الإفتراضي انتهى، فيما المعامل الأخرى ليست بأفضل حال، فيما الحقيقة تبقى حاضرة من واقع أن العمر الإفتراضي للسلطة انتهى منذ أمد بعيد.
وسط كل ذلك، نتأكد أن مشكلة لبنان منذ أكثر من أربعة عقود، تبقى متمثلة في انعدام "الطاقة" السياسية، وخلافاً لأسلاك الكهرباء الباردة من حيث أنه لا يُستجَرُّ التيار عبرها إلا لماما، فإن "الطاقة" السياسية "مكهربة" دائما.

 

ثوار برجا والإقليم


وبحسب أحمد فواز، أحد الناشطين من ثوار برجا، فإن "الأولوية اليوم لمواجهة كورونا"، لافتا إلى أن "البلدية ومؤسسات المجتمع الأهلي والمواطنين تمكنوا جميعا من حصر الوباء وصولا إلى إعلان برجا خالية من الفيروس لكن ذلك يتطلب المتابعة ولا يمكن التراخي".
وأكد فواز أن "ثوار برجا وقرى وبلدات الشوف الساحلي والأوسط سيعودون إلى ميادين النضال رفضا لسياسة الموت والإجحاف، ذلك أننا نواجه الموت تلوثا والتقنين في آن معا"، مذكرا بـ "سقوط تسعة جرحى أمام معمل الجية بينهم رئيس البلدية قبل جائحة كورونا وفي أوج ثورة 17 تشرين".

حقل كهرومغناطيسي "لطش" التوافق

مشكلة لبنان ودون مبالغة تظل حاضرة من واقع محكوم بحقل كهربائي سياسي ذي ترددات عالية، تشحنه الطوائف بآلاف "الميغاهيرتزات" وأحيانا تكون صاعقة، حتى تشكيل الحكومة الحالية جاء بفعل حقل كهرومغناطيسي "لطش" التوافق، وكاد أن يصعق البلد، ولو أن الأمور تطورت إلى الأسوأ (لا قدّر الله) لتمنى اللبنانيون أن "ينعموا" بالتقنين والسهر على ضوء الشموع على أن يشهدوا بلدهم متدليا من عمود التناحر والتخاصم ومصعوقا بسيل المواقف عالية التوتر.







مقالات ذات صلة