مسلسل "فوضى" الإسرائيلي... "جنود البامبرز" أبطال؟!
*بصير شتية
كعادتها، تسبقنا إسرائيل دائماً بخطوات في الإنتاج التلفزيوني، ليس بالمحتوى الذي يكون زائفاً في الغالب، بل بالوصول إلى الجمهور العالمي والاستحواذ على تعاطفه.
قبل يومين أنهيت مشاهدة الجزء الثالث من مسلسل "فوضى" على شبكة "نتفليكس" الأميركية، والذي أُنتج بطاقمٍ إسرائيلي من ممثلين ومخرجين، وبمساعدةٍ لا بأس بها من بعض الممثلين من "عرب 48". يحكي المسلسل بشكلٍ عام عن "إنجازات" وحدة "المستعربين" في جيش الاحتلال، وكيف أنّ هذه الوحدة تتسلل داخل المجتمع الفلسطيني لتصفية مقاومين واعتقال مطلوبين.
ما لفت انتباهي خلال مشاهدة المسلسل، أنه يصوّر الفلسطيني "قاتلاً ومجرماً" تارةً، و"ساذجاً وغبياً" تارةً أخرى، بالإضافة إلى أنه يدور داخل مناطق يظهرها كأنها بؤر أشباح ووحوش، وأن لا مكان للحياة الطبيعية فيها، وخصوصاً قطاع غزة الذي نال نصيب الأسد في الجزء الثالث.
جنود البامبرز
لا شك في أنّ المسلسل يهدف لأن يثبت للشعب الإسرائيلي بأن جنوده "أبطال"، ومستعدون للتضحية بأرواحهم كي ينام مواطنوهم بسلام! لكن نعلم جيداً أن عناصر الاحتلال مستعربين كانوا أم جنوداً، لا يمكن لأيّ فردٍ فيهم أن يتقدم سنتيمتراً واحداً من دون أن يحمل سلاحه ظاهراً، ليخفي خوفه ورعبه، ونعلم جيداً كيف هرب هؤلاء مرات كثيرة بسبب غزارة الحجارة وحدها. يكفي أن تذهب إلى "يوتيوب" لتشاهد مقاطع هروب "جنود البامبرز" (كما يحب الفلسطيني أن يصفهم) من الاشتباكات مع الشبان، أو حتى خوفاً من نعل عجوز ٍفلسطينية وقفت شامخةً لتدافع عن حقها بزيتونتها.
الفلسطيني ليس ساذجاً يا دورون
المضحك في الأمر، أن بطل المسلسل "دورون" يظهر في العديد من الحلقات بشخصية "أبو فادي" مدرب الملاكمة الذي انتقل للعيش في بلدة الظاهرية في الخليل لأشهر، كأيّ مواطنٍ فلسطيني عادي، من دون أن تُكشف حقيقته بسرعة! والمعروف أننا كعرب بشكل عام وفلسطينيين خصوصاً، "حُشريين" (فضوليون)، بمعنى أنه إذا جاء أحدهم ليقيم في حارتنا، نكون خلال ساعات قد عرفنا "قرعة أبوه من وين" (أي أصله وفصله).
اللافت للإنتباه أيضاً، أن المسلسل يُظهر أجهزة السلطة الفلسطينية كأداةٍ للاحتلال تساعده في اعتقال المطلوبين. قد تقول إن بين الجانبين "تنسيقاً أمنياً"، وهذا صحيح، لكن التنسيق الأمني لا يصل إلى حدّ أن تحمي عناصرُ من الأمن الوقائي الفلسطيني أفراداً من المستعربين جاؤوا لاعتقال مطلوب، فتلك كارثة لا يمكن تصديقها.
مربط الفرس
أعود إلى حيث بدأت، كلما شاهدت الإنتاج التفلزيوني الفلسطيني، أشعر بحرقة كبيرة، فإنتاجنا بغالبيته "ركيك"، ودائماً يوجه إلى الجمهور المحلي، رغم وجود كتاب مبدعين ومخرجين محترفين، وعدسات رائعة. ولا أنسى هنا أن اذكر المخرج الفلسطيني العالمي هاني أبو أسعد، الذي كتب سيناريو فيلم "عُمر" وأخرجه ووصل به إلى العالمية، ليظفر بجوائز عديدة. فكم نحن بحاجة اليوم إلى مخرج كهاني وعمل كـ "عُمر"، لنصل إلى المشاهد العالمي وندحض الرواية الاسرائيلية.
صحافي فلسطيني- دبي