ألمانيا تسجل أقل معدل للوفيات بـ "كورونا"... لماذا؟

مشاركة


عربي ودولي

 

 

سوزان أبو سعيد ضو

على الرغم من أن الإصابات في ألمانيا بـفيروس "كورونا" Corona المستجد أو COVID_19، وصل إلى  66,125 حالة فإن معدل الوفيات لم يتجاوز 0.87 بالمئة (عدد الوفيات 616 حتى الساعة 11:28 من مساء 30 آذار مارس 2020)، وتنازليا، وصل المعدل في إيطاليا إلى 11.4 بالمئة، إسبانيا أكثر من 8.6 بالمئة، وفي الصين 4.4  بالمئة، بينما في لبنان وصل إلى حوالي 2.3 بالمئة، وفي الولايات المتحدة الأميركية حوالي  1.85 بالمئة.

 فثمة تسأول لماذا تسجل ألمانيا أقل معدل للوفيات بـ "كورونا"؟

وتعتبر الإجراءات المتبعة في ألمانيا مماثلة وكغيرها في الإتحاد الأوروبي، حتى أن عدم الإغلاق لا يطبق بالكامل، إلا أن المدارس والمحلات التجارية والمطاعم والمسارح مغلقة، والتجمعات لأكثر من شخصين محظورة، حتى أن المستشارة أنجيلا ميركل خضعت للحجر الذاتي بعد أن علمت أن طبيبها مصاب، على الرغم أنه وبعد فحصها اتت النتيجة سلبية، فألمانيا ليست محصنة ضد الوباء بالكامل، ولكن هناك ملاحظات حول أداء الحكومة الألمانية ومنذ اكتشاف العدوى.

يتفق الخبراء أن الأمر لا يزال مبكرا لوضع نظريات، فإن لدى بعض الخبراء عددا من النظريات والاحتمالات حول هذا الوضع في ألمانيا، لكنهم يتوخون الحذر بشأن التعامل مع الأمر كمثال لأنه لا يزال من المرجح أن يكون الوباء في مراحله المبكرة.

بداية، ساعد الاختبار المبكر والمستمر، وكذلك تتبع الناس المصابين في الحد من انتشار العدوى، فمنذ الحالة الأولى المسجلة في البلاد، في 28 كانون الأول/يناير، تم التأكد من إصابة رجل في بافاريا يعمل في شركة لقطع غيار السيارات، لديها مصنعان في ووهان، الصين، بهذا الفيروس، وفي غضون يومين، حددت السلطات الشخص الذي أصاب المريض، وتتبعت من تواصل معهم واخضعتهم للعزل، كما توقفت الشركة عن السفر إلى الصين، وقامت بإغلاق مصنعها في بافاريا، وبذلك تم احتواء تفشي المرض بشكل إيجابي، وفي جميع أنحاء البلاد، تم تكرار النمط، فقد عملت إدارات الصحة المحلية والسلطات الفيدرالية معًا لاختبار وتتبع وحجر المواطنين المعرضين وإخضاع من تجده مصابا للحجر الصحي.

وكانت ألمانيا أيضًا أفضل في حماية سكانها الأكبر سنا، الذين هم في خطر أكبر بكثير نتيجة العدوى، فقد حظرت الدول زيارات المسنين، وأصدر صناع السياسات تحذيرات عاجلة للحد من الاتصال بكبار السن، كما قام الكثيرين منهم على ما يبدو بعزل أنفسهم. كانت النتائج واضحة: يشكل المرضى الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا حوالي 3 بالمئة من المصابين، على الرغم من أنهم يمثلون 7 بالمئة من السكان، ويقدر متوسط العمر للمصابين في ألمانيا بـ 46 سنة، بينما في إيطاليا يبلغ 63.

وقد ثبت أن العديد من الشباب في ألمانيا قد أصيبوا بالفيروس أكثر من الدول الأخرى، يُعزى ذلك جزئيًا إلى اختبارات فحص PCR في ألمانيا الأكثر شمولاً، ولكن هناك أيضًا عنصري الصدفة والثقافة، ألمانيا دولة تزلج - يذهب حوالي 14.5 مليون ألماني للتزلج كل عام، وتعد جبال الألب النمساوية وفي شمال إيطاليا مواقع مقصودة للتزلج من قبل الألمانيين، هذا العام، بعد أن سافر المصطافون إلى أحد مراكز تفشي المرض الأوروبي، تيرول Tyrol، بدا أنهم جلبوا الفيروس معهم، ونشروه في البلاد

كما أن هناك كرنفال في بلدة لانغبريوخ Langbroich، حيث حدثت واحدة من أكبر مناطق التفشي المبكرة في البلاد، وتشمل نشاطات الكرنفال المسيرات والحفلات، التي تحظى بشعبية لدى الشباب، يبدو أن مئات الحالات يمكن تتبعها لزوجين شاركا في الاحتفالات في البلدة، قال كارل لوترباخ، وهو طبيب وعضو في البوندستاغ: "ربما أثر كل من التزلج والكرنفال على متوسط ​​العمر المنخفض للموجة الأولى من الحالات المؤكدة".

كل من الاختبار المبكر وحضانة الفيروس بين الشباب يعدان جزءًا من الأساليب في تفسير سبب انخفاض معدل الوفيات في البلاد نسبيًا، وقال مارتن ستورمر، عالِم الفيروسات الذي يعمل مديرًا لمختبر يُجري اختبار فيروسات التاجية في فرانكفورت، "إنه عدد من نختبره ومن الذي نختبره". بشكل عام، الدول التي تختبر أقل وتحتفظ بها للمرضى الذين يعانون بالفعل، مثل إيطاليا، لديها معدلات وفاة أعلى.

ولكن يجب الحذر من قراءة الكثير في الإحصاءات، لا سيما في هذه المرحلة المبكرة، فعلى الرغم من أن نظام الرعاية الصحية في ألمانيا في حالة جيدة بشكل عام - تم تحديثه مؤخرًا وتزويده بالموظفين والتمويل بشكل جيد، مع وجود أكبر عدد من أسرة العناية المركزة لكل 100 ألف مريض في أوروبا - إلا أنه لم يتم اختباره بعد، إذ لم يدخل المرضى المستشفيات إلا مؤخرًا، في المتوسط ​​، يموت مريض مصاب بأعراض شديدة نتيجة عدوى  Covid-19 بعد 30 يومًا من الإصابة. قال لوتار ويلير، رئيس معهد روبرت كوخ، يوم الأربعاء الماضي: "نحن في بداية الوباء، أما كيف سيتطور فهو سؤال مفتوح."

من الممكن أن تكون ألمانيا في بداية المنحنى، تختلف الآراء حول مدى صعوبة الضغط على النظام الصحي في الأسابيع المقبلة، قال ستيفان ويليش، مدير معهد الطب الاجتماعي وعلم الأوبئة واقتصاديات الصحة في مستشفى شاريتيه الجامعي في برلين: "أعتقد أنه من غير المرجح أن نواجه وضعًا مثل إيطاليا"، أما البعض الآخر فأكثر تشاؤما، فقد حذر الدكتور لوترباخ، على سبيل المثال، من أن معدل الوفيات في ألمانيا قد يرتفع. وبالفعل، فقد ارتفع في الأيام القليلة الماضية من 0.48 إلى 0.72 إلى 0.93 بالمئة بناء على الوقت الذي كتب فيه هذا المقال.

وكانت هناك إشارات إلى أن نظام الرعاية الصحية يمكن أن يصاب بالإشباع قريباً، أبلغ المزيد من المستشفيات والأطباء عن نقص في المواد الحيوية مثل الأقنعة وغيرها من معدات الحماية، وقد توقعت ورقة علمية نشرتها عدة جمعيات طبية يوم الأربعاء أنه من المحتمل أنه خلال "فترة زمنية قصيرة، لن تكون هناك موارد كافية للعناية المركزة في ألمانيا لعلاج جميع المرضى، على الرغم من بناء القدرات الأخيرة". قد يكون الأسوأ قادم.

لذلك ربما يكون هناك درس واحد يمكننا استخلاصه من تجربة ألمانيا، على الجميع التأني في عد البركات، وخصوصا وأن 75 حالة وفاة جديدة سجلت خلال الـ 24 ساعة السابقة.

بتصرف عن New York Times.







مقالات ذات صلة