مزايدات "كورونية"!
أنور عقل ضو
لا نذيع سرا إذا أعدنا التأكيد بأن تحالف قوى السلطة يقود لبنان إلى إفلاس جديد، فالإفلاس المالي وقع، والسياسي حصل، أما المتستجد راهنا فهو الإفلاس الأخلاقي، أي أن السلطة بموالاتها ومعارضيها فقدت كل منظومة القيم وصرنا وطنا أشبه بسوق نخاسة أو مجرد بازار للمزايدة على دماء الناس واللعب بمصائرهم، أما أُولي الأمر منا فغدوا متمرسين في النخاسة بيعا وشراء، وربما نصل إلى وقت تقاسم فيه السلطة اللبنانيين على الهواء الذي يتنشقونه وإخضاعه لضريبة القيمة المضافة.
وزير الداخلية والبلديات حقق إنجازا مرصعا بنجوم الغيرة على حياة اللبنانيين، فأزال خيم المعتصمين من وسط بيروت، وما لم تتمكن السلطة من تنفيذه سابقا نفذته أمس بذريعة "كورونية"، فكان لها ما أرادت متحالفة مع كورونا اللعين، وساق الوزير مبررات لا تركب على "قوس قزح"، وليس ثمة من يعلم أنه ما إن ينحسر فيروس كورونا حتى تعود الخيم إياها وترحل سلطة أمرت والآتي سيكون أجمل وأعظم.
لم يساور أي مسؤول الخجل من تهريب العميل عامر الفاخوري في قضية دُبرت بليل، الكل نفض يديه وانسحب إلى قوقعة مواقفه الملتبسة كَصَدَفَة أو سلحفاة، توارى من خجل وخوف، وما تزال ثمة غرف سوداء في دولة تحكمها الأيدي الخفية بكامل طوائفها وبمنطق العشيرة وشيوخ الصلح و"منقل عرب" تتصاعد منه رائحة بُنٍّ وهال وعمالة.
حكومة الكرتون، أو حكومة "الماريونيت" مستمرة، الخيطان تشابكت قليلا بالأمس بين المتوارين خلف المسرح، توقف العرض مؤقتا، وسط مزايدات "كورونية" لا أكثر ولا أقل، وغداً تتصالح المصالح ويعود المغتربون وكأن شيئا لم يكن، وتنقشع السحب السوداء لتطل سحب أكثر حلكة، فنحن في نظام لا يجلب إلا العتم، وفي دولة ولدت أساسا من رحم العتم، وسنظل نبحث عن ولادة وطن في رحاب الضوء وفي حاضرة النهار!