طارق ابراهيم من الشوف... خط اسم لبنان على جدار التميز لهندسة العمارة في ألمانيا!
سوزان أبو سعيد ضو
لم يخط المهندس المعماري طارق ابراهيم إسم لبنان على جدار التميز في مجال هندسة العمارة في ألمانيا فحسب، بل حصل على جوائز عدة ومن عدد من الدول عن إنجازه المتميز تحت عنوان "امتداد الهوية"، كما لم يتبع المهندس طارق ابراهيم النهج السائد بين أبناء جيله، بمحاولة اقتناص الفرص بالهجرة إلى الخارج أو إلى الداخل أي العاصمة بيروت، على الرغم من توفر الفرص لذلك، بل عقد العزم على النجاح في منطقته وبين أهله، للتمكن من خدمة وطنه ومن منظوره الخاص، وبالصورة التي يعتبرها الأفضل.
ومن الجدير ذكره، أنه تم اختيار مشروعه من بين آلاف المتبارين من جميع أقطاب العالم، وتمكن من الفوز بجائزة (التميز بالعمارة) في مسابقة German Design Award الإلمانية العالمية في فرانكفورت"، والمشروع عبارة عن فيللا صممها ونفذها عبر مكتبه "Paseo Architecture " في مدينة بقعاتا في منطقة الشوف- جبل لبنان.
كما وسبق أن حاز ابراهيم عن المشروع ذاته، على الجائزة الذهبية عن فئة العمارة في Muse Award التابعة لـ International Association of Awards والجائزة البروزنزية في A’Design Award & Competition الايطالية العالمية في كومو- ميلانو عن فئة "هندسة العمارة" وجائزة "كوتينوس" العالمية التي اطلقت للمرة الأولى في الشرق الأوسط عن فئة "التميّز في مجال الفن المعماري لعام ٢٠١٨" برعاية المنظمة الخيرية العالمية التابعة للأمم المتحدة ومؤسسة "ساند" العالمية، وذلك تقديراً لتفوقه وإبداعه المتواصل في مجال الفن المعماري والهندسي، كما عُرض المشروع في متحف Angewandte Kunst الخاص بالفنون الحديثة، ووُضع اسم Paseo Architecture وهو مكتب الهندسة الذي يملكه ابراهيم إلى جانب اسم لبنان على جدار التميز الخاص بالجائزة العالمية.
وقد أسس ابراهيم مكتبه الخاص الذي أسماه Paseo Architecture، وعند سؤاله عن معنى الإسم، أشار ابراهيم لـ "إليسار نيوز" إلى أن "الإسم هو كلمة باللغة الإسبانية تعني باللغة الدارجة (الكزدورة) أو (النزهة)، فأنا أؤمن بأن رحلة العمارة للوصول للقصة، التي أريد تنفيذها لصاحب المشروع، تشمل قصة استكشاف وتعارف، بين الزبون والمعماري، بأن يحصل نوع من التفاهم المميز بينهما وتناغم في طبائعهما المختلفة، للتعرف على المساحات التي تشبه الزبون، فعلى سبيل المثال، من يذهب في رحلة إلى الطبيعة، يجلس تحت شجرة واحدة، فلماذا اختارها؟ لأن الفضاء والمساحة والظل تحت هذه الشجرة، تشبه هذا الشخص، فكل منا يختار ما يشبهه، فلكي يستطيع المعمار مثلا أن يصل إلى هذا الفضاء عليه أن يقوم بهذه النزهة الفريدة من نوعها".
وعند سؤاله عن الفكرة التي أهلته للفوز بكل هذه الجوائز قال ابراهيم لـ "إليسار نيوز": "هي فكرة فنية جديدة وجريئة، مستوحاة من الأساليب البرتغالية والإسبانية في التعامل مع الآثار الخاصة بهم، لكن تمت قولبتها بصورة تشبه وتلائم الأسلوب الشرق أوسطي العربي، وذلك بطرح نظرية جديدة ووجهة نظر مختلفة في كيفية تعاملنا مع هذا المبنى الأثري الذي يعود إلى العام 1852، وعن كيفية الإضافة إلى مبنى قديم وأثري موجود، وبذات الوقت الحفاظ على هوية المبنى الأثري، إنما بمنظور عالمي، ويمكن أن نصفها بأن لدينا المادة الجينية DNA للجدود، لكنها مختلفة ومتطورة، ويمكن لمس هذا الأمر من أوجه عدة، فمثلا المدخل Entrance هو عبارة عن قنطرة، وهو محتوى ضروري في البناء لكي يعطي اتساعا، لكنه عادة لا يحتوي على نوافذ، خصوصا على شكل قناطر ولا سيما في المناطق الريفية، ليعطي تسلسلا هرميا Hierarchy للمدخل بصورة أكبر، وهنا تمت الإضاءة عليه بصورة مختلفة، وهذه النقطة أحد الأمور الموروثة، لكنها نُفذّت بلغة جديدة وبمنظور حديث، والبيت استخدم فيه في المبنى الأصلي الحجر الطبيعي، وفيه عيوب، خصوصا بدرجات الزوايا اذ تختلف عن 90 درجة المتعارف عليها، فالحجر غير مصقول أو مرتب، وعند الإضافة التي قمنا بها على المنزل، تم استخدام حجرا جديدا مضروبا بالمنشار، ليظهر وكأنه موجود على الطبيعة، على الرغم من كونه مختلفا ومتميزا عن المبنى القديم، لكن بانسجام بين المواد المستخدمة المختلفة، لذا كانت الصورة المكتملة بانعكاساتها المختلفة من مكونات المبنى قديمها وحديثها على الزجاج تعطي هوية المنزل القديمة إنما بطريقة متجددة وحديثة ومتكاملة".
وعن المشاريع المستقبلية قال ابراهيم: "لدينا الكثير من المشاريع المستقبلية، منها منازل خاصة "فيلات" تطرح أفكارا جديدة، وطرق معيشة متطورة، واتجاهات تناسب طريقة حياتنا الحديثة، وهناك مشاريع تحت شعارات مختلفة، فالعمارة تخبر قصة، عن منزل، أو عن مدينة إن كانت في المناطق الحضرية، او عن دولة، وهو ما يتبقى بعد مرور السنوات، فبعد أن تذهب الحضارات على أنواعها، تبقى العمارة لتخبر القصص، فهي البرهان على وجود هذه الحضارات، ولدينا حاليا مشروع مركز تجاري، لكن بطريقة وأفكار جديدة ومختلفة".
أما بالنسبة للوضع في لبنان، فأكد ابراهيم أن "الضغوط الإجتماعية والإقتصادية وكل ما حولنا، واليأس الموجود حولنا يستنزف الكثير من طاقاتنا ومن أوقاتنا في التفكير، لكني شخصيا يمكنني أن أفتح مكتبا في أي مكان في العالم، ولكني أصررت على فتح مكتب ضمن منطقتي، وناسي وأهلي، ووطني، لأقول للشباب، ولأبناء وطني، إن الإنسان الذي يحب مهنته يمكنه من الوصول إلى كل العالم وأن يثبت نفسه، ووجوده وهذا ما حصل، وبنفس الوقت عندما أتممت عقود اتفاقات عدة مع دبي وسلطنة عمان في مجال العمارة، كان شرطي الأساسي أني لن أوظف الا شباب من مكتبي ومن لبنان، بهدف تشجيع الشباب على البقاء في منطقتهم، وبلدهم، فأنا من الأساس شخص منتفض على مجتمعي، وعلى الإستسلام الموجود، وأحاول أن أبعث الأمل، كما أن الإنسان لينتقد عليه أن يعمل العمل الصحيح، فمن منظوري حاولت أن أعمل ما أعتقده صحيحا".
عن الأمل بالوضع في لبنان في ظل الأزمات المتلاحقة، قال ابراهيم أن "هناك ثمة أمل، فنحن الأمل ونحن مستقبل هذا البلد، لا نستطيع جميعا أن نرحل، وسنكافح لنظل، وذلك بإثبات أفكارنا ووجودنا، وكفاءتنا وبذلك نثبت أننا نستحق هذا الوطن والبلد من جديد".