فاديا جمعة

"لا جراد في لبنان"، على الأقل في الوقت الحاضر، لكن يبدو أن الظروف النفسية والاجتماعية السائدة في لبنان مهيأة ليتقبل الناس أية إشاعة والتعامل معها على أنها حقيقة واقعة، وهذا ما حصل ما إن انتشرت صورة جرادة على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن كثيرين تعاطوا مع الأمر وكأن الجراد على الأبواب، وطالما أنه سجلت إصابة امرأة لبنانية بفيروس كورونا فاحتمال ظهور الجراد وارد!

هكذا طغت الإشاعة أمس وانتشرت، وزادت خوف اللبنانيين من هذه الحشرات الكارثية، فتراوحت التعليقات بين "كورونا" و"الجراد"، وبالنسبة إلى هذه الحشرة المرتبطة بذكرى مؤلمة لدى اللبنانيين تعود إلى "سفر برلك" يوم أكل الجراد "الأخضر واليابس" وقضى مئات وآلاف اللبنانيين من الجوع، فالأمر يحتمل الخوف، وهذا ما يفسر الحملة على "جرادة" واحدة في صورة، علما أن تفتح زهرة لا يعني أن الربيع أطل وفرض حضوره العابق جمالا وعطرا!  

الخبير مخايل

في هذا السياق، قال المهندس الزراعي والخبير في علم الحشرات حنا مخايل لـ "إليسار نيوز" elissarnews.org: "تكثر الإشاعات حول وصول الجراد على لبنان بعد ظهوره في السعودية، لافتا إلى أنه من "الطبيعي أن يظهر الجراد في هذه المرحلة من السنة، وخصوصا بعد هطول الأمطار وبالكميات التي شهدناها في هذه المرحلة من السنة، التي تساعد في فقس بيض الجراد وانتشاره بكثرة، علما أن الأمطار ليست العامل الوحيد لانتشار الجراد".

ولفت مخايل إلى أن هناك أكثر من عامل مساعد، لخصها على النحو الآتي: الشتاء كما أسلفنا، الرياح، الرطوبة والحرارة.

أضاف: "بالنسبة للرياح، إذا سرعة الرياح اقل من 21 كلم/بالساعة فهذا الأمر يساعد الجراد كي يطير بحيث يكون طيرانه مع اتجاه الرياخ، أما بالنسبة إلى الرطوبة، فإذا درجتها عالية فتساعد الجراد على التواجد في الجو، أما في مـا يتعلق بالحرارة، فتجدر الإشارة إلى أن الجراد حشرة يومية، يعني أن طيرانها يكون نهارا، ولكي ينتشر الجراد فمن المفروض أن تكون الحرارة الى من 17 درجة مئوية بعد ساعتين من شروق الشمس، أو أعلى من 24 درجة بعد 5 ساعات من شروق الشمس".

لبنان

ورأى مخايل أن "هذه العوامل إذا اجتمعت يشهد الجو أسرابا من الجراد بالآلاف"، وأضاف: "بالنسبة إلى لبنان وبالإستناد إلى مناخه حاليا، لم تتوفر هذه العوامل مجتمعة، ما يعني أن لبنان لن يشهد أسراب الجراد في هذا الوقت".

وعن تداول صورة تظهر جرادة واحدة على إحدى السيارات في لبنان، قال مخايل: "من الطبيعي أن تتخلف عن أسراب الجراد وهي تعد بالملايين بعض هذه الحشرات، وهذا ما يسمى Faux Vole، وهذا ما يفسر هذه الظاهرة التي تم رصدها في لبنان، ولفت إلى أن هناك محطات تراقب حركة الجراد في ثلاثين دولة بين أفريقيا، الخليج والمتوسط".

وأشار مخايل إلى "اننا نطلع على خمس منها، وهي: الأردن، سوريا، شمال مصر، شمال السعودية والعراق"، ولفت إلى أنه "عندما يسجل حالات انتشار للجراد في هذه البلدان مترافقة مع أضرارا نتوقع عندها وصول الجراد إلى لبنان، ولغاية الآن لم يحدث مثل هذا الأمر".

وخلص مخايل إلى أن "لا جراد قريبا في لبنان"، لافتا إلى أنه "من الأفضل أن نتوخى الحذر من بعض الأخبار غير المستندة إلى معطيات علمية.