مواجهة الأزمة الإقتصادية في لبنان بأطباق نباتية تقليدية!
سوزان أبو سعيد ضو
يزداد عبء الأزمة الإقتصادية على الأسر يوماً بعد يوم، خصوصا مع توسع رقعة الفقر، مع ازدياد البطالة، ومع تخلي عدد لا يستهان به من أصحاب المصالح والمصانع والمعامل عن الكثير من العمال، أصبح مواطنون كثر بدون مورد شهري، فضلا عن أصحاب المصالح الخاصة، التي تضررت بشكل كبير بفعل هذه الأزمة التي تضرب لبنان، وتقف ربة المنزل حائرة أمام غلاء المواد الإستهلاكية، ولا تجد مفرا من الإستعاضة عن اللحوم والدجاج ذات الأسعار المرتفعة، والتي كانت تشكل وجبة رئيسية يومية على موائد معظم البيوت، بأطباق تقليدية وموسمية، معظمها نباتية.
ومن المعروف أن الأطباق النباتية تشكل لدى أبناء القرى، حيزا كبيرا من وجباتهم، إلا أن هذا الحال لم يعد مقتصرا على القرى فحسب، بل امتدت إلى المدن الرئيسية والعاصمة بيروت، وبسبب غنى الأطباق اللبنانية بتنوع كبير في هذه الأطعمة، وبجولة بين عدد من البيوت ومن كافة المناطق، نضع بين يدي ربة المنزل "مقترحات" لوجبات لأسبوع أو أكثر من الأطباق التقليدية.
فلا زالت منقوشة الزعتر والكشك، مفضلة لدى كثير من اللبنانيين كفطور "ترويقة" يومي، لذا فقد تشكل وجبة أولية ويمكن إضافة الخضروات إليها، وقد تستبدل في يوم آخر بـ "الكشك الأخضر" وهو طبق قروي بامتياز، أي البرغل الخشن الأبيض بعد وضعه في الماء المغلي، ويضاف إليه اللبنة البلدية، ومع الزيت والقليل من الخضار، وتستبدل هذه الأطباق بالفول المدمس، وبالحمص بالطحينة والبابا غنوج، أو البليلة أو المسبحة ومن الممكن تناول البطاطا المسلوقة مع زيت الزيتون والملح والخضار المشكلة، ويمكن سلق البيض مع هذا الطبق، ومن الأطباق المميزة كفطور البيض المقلي مع البندورة، أو يمكن قليه مع الثوم والكمون، ووضع المياه عليه، مشكلا طبقا دافئا في الشتاء وتشكل هذه الأطباق كافة، أطباقا متكاملة لجهة المواد الغذائية المكونة لها، من بروتينات وكربوهيدرات ودهون علما أنها بمعظمها نباتية.
أما لوجبة الغذاء فاللائحة تطول، ولكن في توجهنا، هو الحصول على وجبات متكاملة من المكونات الغذائية، وكما سبق وأسلفنا من كربوهيدرات وبروتينات ودهون، ومن مصدر نباتي بمعظمها، ومن خضار موسمية خلال الشتاء، وفي هذا المجال، فالمجدرة وتسمى في بعض المناطق بـ "المخبوصة" المصنوعة من العدس والرز والبصل تشكل طبقا متكاملا ويمكن استبدالها بالمدردرة الشبيهة بالمجدرة والتي يوضع على سطحها البصل المقلي بالزيت، مع السلطات الموسمية من الهندباء البرية بالليمون والزيت والثوم، أو بالكشك والبصل، كما يمكن تحضير شوربة العدس بالليمون الحامض، المكونة من العدس والسلق والليمون ويمكن إضافة الجزر والبطاطا لمن يرغب، كما أنه يمكن تحضير طبق "الرشتة" وهو طبق يحضر في الجبال، وهي العدس مع العجين المقطع بصورة طولية، ويمكن تحضيره بالزيت بدلا من "القورمة" (وهي اللحم المطبوخ بالدهن، كبديل عن اللحوم لتستخدم في فصل الشتاء)، ومن أنواع العدس "المجروش"، الذي يشكل حساء مغذيا ولذيذا، حيث يمكن إضافة الجزر والبطاطا والأرز، وفقا للرغبة.
ومن المأكولات الأرمنية الشهيرة النباتية، المحضرة من العدس أيضا، هو طبق العدس مع القلقاس الذي يسلق ويقشر، ويقطع ومن الممكن أن يقلى أو يوضع مسلوقا في العدس المسلوق ويوضع عليه الليمون الحامض، كما يمكن الإستعاضة عن القلقاس باليقطين "القرع الأصفر" ولكن لا يستخدم الليمون الحامض في هذه الحالة، أو يستخدم وفقا للرغبة.
وكون اليقطين متوفرا شتاء، فيمكن تحضير كبة اليقطين، إذ يستعاض عن اللحم باليقطين المسلوق والمصفى جيدا، مع بهارات الكبة المعتادة، ويحشى بالحمص والسبانخ والبصل، أو بالمكسرات كالجوز والبصل، على شكل أقراص مقلية أو على شكل صينية توضع في الفرن.
كما أن القلقاس هو من الخضار الدرنية الشتوية المميزة، الذي يحضر في لبنان كطبق تقليدي، هو القلقاس بالحمص والطحينة، أو بقلي القلقاس بالزيت، ووضع الليمون والسماق مع الثوم على سطحه، مشكلا نوعا من المقبلات اللذيذة.
كما وأن البرغل ببندورة مع اللبن، تشكل طبقا متكاملا، وفي المناطق الجنوبية تحضر "كبة البندورة"، حيث يستعاض عن اللحم بالبندورة، وفي الجبال، تحضر التبولة الشتوية من البرغل الخشن، ويستعاض عن اللحم بالحمص، ويمكن تحضيرها بالزيت بدلا من "القورمة"، وتؤكل بأوراق الملفوف المسلوق مع البصل المسلوق أيضا، ويطبخ البرغل مع البصل المقلي بالزيت.
وكون القرنبيط "الزهرة" من الخضروات المتوافرة شتاء أيضا، وبدلا من طبخها باللحم، يمكن تحضيرها كيخنة، وطبخها بالزيت وإضافة الحمص المسلوق، ويمكن وضع الكزبرة كمنكه اختياري للطبق وبذلك يشكل طبقا متكاملا من الناحية الغذائية.
ومن الإقتراحات، وخصوصا وأن السلق متوفر حاليا، تحضير طبق السلق بالزيت، وهو طبق يحضر بلف أوراق السلق التي تذبل بالماء الغالي وتحشى بالأرز مع البقدونس والنعناع والبندورة "الطماطم" والحمص وزيت الزيتون والملح والبهارات والليمون الحامض، ومن الممكن استخدام الأوراق مفرومة مع الخليط السابق، وتؤكل مع اللبن أو الخضار، ويمكن استخدام أضلاع السلق لتحضير سلطة لذيذة بمزجها بالليمون والثوم والزيت، أو بالطراطور، كما ومن الممكن حشي أوراق الملفوف بالخليط السابق، ويستعاض عن الليمون برب البندورة، ويضاف الثوم إلى هذا الطبق.
ومن المعروف توفر أوراق العنب المحفوظة، حيث يمكن تحضير طبق نباتي شهي شبيه بأوراق السلق المحشية، بالإستعاضة عن الحمص بالعدس المنقوع كمصدر للبروتين، ويستخدم زيت الزيتون بدلا من اللحم المفروم، وتحشى الأوراق وتلف بالخليط المكون من البندورة والبقدونس والنعناع والأرز والليمون الحامض والبصل والبهارات، كما يمكن أن تحشى الكوسى والبطاطا بالخليط السابق، لتنويع الأصناف.
وتشكل البقوليات وخصوصا الفاصوليا المحضرة بطريقة نباتية طبقا شاملا بالمكونات الغذائية أيضا، حيث يمكن استخدام الفاصوليا بأنواعها "العريضة، الحمراء، عايشة خانم وغيرها" المنقوعة مسبقا والقيام بسلقها وطبخها بالزيت، مع البصل والثوم ورب البندورة، ويمكن إضافة الكزبرة كمنكه، أو تتبيلها بالزيت والليمون والثوم، كطبق سلطة، ويمكن طبخ الفول الأخضر والحمص بالرز والزيت مع طبق من السلطة، ومن المأكولات المشهورة في الجبال "المخلوطة" التي تتكون من مجموعة من البقول مثل أنواع من الفاصولياء والحمص واللوبياء المجففة والبرغل، ويمكن استبدال القاورمة بالزيت فيها، وتعتبر الفلافل "الطعمية" طبقا مكونا من البقوليات، ومع الخضار والمخللات تشكل طبقا هاما، كوجبة غداء.
ويعتبر طبق "المسقعة" بالباذنجان والحمص، طبقا تقليديا نباتيا متكاملا، وصحيا، وهو وجبة غذاء متكاملة.
كما أن المعكرونة يمكن تحضيرها بطريقة نباتية، بالإستعاضة عن اللحوم كمصدر للبروتين بالفطر كمصدر للبروتين، وإضافة المكونات من خضروات كالجزر والذرة والبصل والثوم وغيرها مع رب البندورة، وطبخها أو كصينية بالفرن، لتتكامل من الناحية الصحية والغذائية.
كما أن المقالي من البطاطا، والباذنجان، والقرنبيط، والكوسى على سبيل المثال لا الحصر، ويمكن شويها بالفرن، للإستعاضة عن القلي لأغراض صحية، ويمكن تحضير "الطراطور" من الطحينة والملح والثوم والليمون، أو الحمص بطحينة، ومن الممكن تحضير أطباق السلطة بأنواعها من الخضار المتوفرة، طازجة كانت أو مسلوقة، ولا ننسى طبق التبولة والفتوش والخضار البرية المتوفرة في الأسواق، لتشكل جميعا أطباقا متنوعة يستمتع بها جميع أفراد الأسرة، ومتكاملة وصحية من الناحية الغذائية.
أما وجبة العشاء، فيمكن أن تكون متنوعة ومن من لائحتي الفطور والغداء، وبهذا يمكن بهذه الأفكار المتنوعة التي جمعنا معلومات عنها من موائد عائلات من مختلف مناطق لبنان، ونضعها بين أيدي ربات المنازل، لتتمكنّ من تحضير وجبات متكاملة لأسرهن، والتخفيف من الفاتورة الإستهلاكية الغذائية في هذه الأيام العصيبة، وليس ذلك فحسب، بل أن استخدام المنتجات المحلية الموسمية، يساهم بالتنمية المستدامة، حيث يخفف من العبء على البيئة لجهة استيراد المواد المختلفة، وما يتبعه من عبء نتيجة النقل بواسطة البواخر، ويساهم بتنشيط الدورة الإقتصادية لدى مجتمع المزارعين.