الإتحاد العمالي العام... مع العمال أم ضدهم؟!

مشاركة


خاص اليسار

 

 


سوزان أبو سعيد ضو

منذ بداية الإنتفاضة الشعبية التي جمعت مواطنين من كافة المناطق وسائر الطوائف، لم يبد الإتحاد العمالي العام إلا ردود فعل باهتة ومواقف ضبابية، لا تغني ولا تسمن من جوع، مستخدما مصطلحات مرتبكة، ما يعكس طبيعة تركيبته غير البعيدة عن دور السلطة التي لطالما عملت على تقسيمه وشرذمته، منصبة من يوالون لها في مواقع المسؤولية، فضلا عن دورها في "تفريخ" اتحادات جديدة بهدف إقصاء الممثلين الحقيقيين للعمال عن دورهم النضالي المطلبي.
كل ذلك يفسر ردود الفعل الضعيفة والخجولة حيال الثورة المفترض أن يكون الاتحاد العمالي في صلبها لا متفرجا أو منظِّرا من بعيد، خصوصا مع استمرار محاباته للسلطة على حساب العمال ومصالحهم وحقهم بمكتسبات اجتماعية وصحية.
بيانات
في هذا السياق، أعرب الاتحاد العمالي العام في أحد بياناته، أنه كان ينوي القيام بحراك وقبيل الحراك الشعبي، وأنه شارك في بداية الإنتفاضة (الثورة) ثم انسحب، دون إبداء أسباب مقنعة.
ودعا في بيان آخر الى الإسراع بالإستشارات تمهيدا لتشكيل حكومة، كما رأى أن قطع الطرق أمام المواطنين وحرمانهم من التنقل وما سبق ذلك من إقفال للمصارف وأبواب الجامعات والمدارس الخاصة والرسمية يساهم في ضرب الاقتصاد الوطني، وما تبعه من مواقفه بالتنديد بالإضراب الذي دعت إليه الهيئات الإقتصادية.
هي جملة من المواقف الإستعراضية من باب إثبات الوجود على حساب مصلحة العمال وحقهم في حياة حرة كريمة في دولة مدنية، تحاسب الفاسد وتنصف العامل، ويبدو أن الإتحاد العمالي العام قد تخلى عن العمال الذين قصدوا الساحات وعبروا عن وجعهم من الأوضاع التي أوصلهم إليها تحالف السلطة الطائفية، وساق البلد إلى حافة الإنهيار.
في بيانه الأخير أعرب "الإتحاد" عن "رفضه الإبتزاز الممارس على المواطنين من أي مصدر أتى، خصوصا لجهة إغلاق محطات الوقود، في ظل تقصير الدولة وعدم تنفيذها قرار وزيرة الطاقة قبل أسبوعين بإستيراد المحروقات، أو من قبل الشركات التي تحتوي خزاناتها على كميات كبيرة من البنزين والمازوت، أو من قبل نقابة أصحاب المحطات والصهاريج التي تبتز المواطنين لزيادة جعالتها وإتخاذها قرارات مؤلمة في غفلة عن الناس فتعلن فجأة وبعملية تشبه الغدر توقفها عن العمل والإضراب العام والمفتوح".
كما وأشار البيان إلى أنه "يوماً بعد يوم تتحول حياة الناس وتنقلاتهم ومصالحهم وانتقال أولادهم الى المدارس والجامعات وحاجة المواطنين الى البنزين والمازوت خصوصاً في فصل الشتاء الى جحيم لا يطاق ويصطفون بالطوابير أمام محطات المحروقات متوسلين صحيفة البنزين والمازوت".
وتابع البيان "لذلك فإن الإتحاد العمالي إذ يدين هذه الجهات كافة، يطالب الدولة بالقيام بواجباتها بتأمين هذه السلعة الاستراتيجية ومن دولة إلى أخرى وبشروط أقل كلفة بدلاً من تركها للشركات استيراداً وتسعيراً وتوزيعاً وبأرباح لا يعلمها إلا الله والعالمون بخبايا النهب المقونن، كما يرى الإتحاد العمالي العام انه على الدولة أن تستورد الدواء والقمح وجميع السلع الأساسية، وهي بذلك توفر للخزينة مئات ملايين الدولارات إذا لم يكن عدد من المليارات".
وختم البيان: "كما ستوفر على المواطنين تعرضهم لهذا الابتزاز الفاضح على مداخيلهم التي يتناقص كل يوم، ما يحمي ما تبقى من أسباب الحياة".
لثورة داخل الإتحاد العمالي العام
في كل مراحل الحياة السياسية في لبنان، كان الإتحاد العمالي العام في الطليعة، بموقف يحاكي وجع المواطنين، ويتابع ما يعانيه السواد الأعظم من الشعب، فيما مؤخرا، نجده يصدر البيان تلو البيان، دون أي أثر يذكر على الأرض، حتى لنظنه كما السلطة الحاكمة قابعا في برج عاجي، لا يشعر بمعاناة الناس ويراقب من بعيد، ومدلول هذا الأمر، التظاهرة التي انطلقت من أمام مقره احتجاجا على ممارساته التي لا تعبر عن العمال، وفي اليوم السابق للثورة في 16 تشرين الأول/أكتوبر باتجاه ساحة رياض الصلح، بدعوة من "تجمع مهنيات ومهنيين" ومشاركة "تجمع أساتذة الجامعات" و"تكتل طلاب الجامعة اللبنانية" و"تجمع الموظفين المستقلين" و"التيار النقابي المستقل" و"تجمع نقابة الصحافة البديلة"، تحت عنوان "من أجل حركة نقابية ديموقراطية مستقلة وبديلة، تمثل العمال وليس أحزاب السلطة أو حيتان المال"، وقد لخص المتظاهرون ما يحدث في "الاتحاد العمالي العام" و"هيئة التنسيق النقابية بأنهما "ليس غائبين عن الشارع والناس والعمال والموظفين، خصوصا ومنذ أن وضعت قوى السلطة اليد عليهما فحسب، بل أنهما تحولا من شريكين في صناعة القرارات الاقتصادية والاجتماعية التي تتعلق بالناس إلى تابعين للقطاعات الاقتصادية المهينة".
من المجدي الدعوة، لثورة داخل الإتحاد العمالي العام، والنقابات المختلفة، أسوة بما حصل في نقابة المحامين، تعمل على إزالة هذه المواقف الضبابية، التي تعكس مواقف السلطة، بدلا ممن تمثلهم، والتي غدت سمة العمل النقابي في لبنان، لذا، ومع رياح التغيير الحقيقي، حان الوقت للعمال أن يجدوا من يمثلهم حقا!







مقالات ذات صلة