جريمة موصوفة في محمية كرم شباط... قطع أشجار معمرة!
سوزان أبو سعيد ضو
طاولت أياد غادرة محمية كرم شباط، وقد قام أشخاص مؤخرا بقطع أشجار اللزاب والشوح والأرز المعمرة، تحضيرا للحطب لموسم الشتاء، ضاربين بعرض الحائط، تصنيفها محمية طبيعية مصرح عنها لدى مرافق الدولة والوزارات المعنية، إلا أنه وبسبب تنوع الأشجار المعمرة، فعند حلول كل شتاء تتعرض المنطقة بشكل دائم ومستمر للاعتداء البشري فتُقطع أشجار الأرز واللزاب والشوح.
وتعتبر محمية كرم شباط في مرتفعات بلدة القبيات، قضاء عكار في شمال لبنان، إحدى أربع محميات مصنفة لدى وزارة البيئة في قضاء عكار، بقرار رقم 14/1 بتاريخ 6/10/1995، وهي بالإضافة لكرم شباط، السفينة،قرار رقم 10 بتاريخ: 17/01/1997، بزبينا قرار رقم 591 تاريخ: 30/12/1996، والقموعة قرار رقم 588 بتاريخ: 30/12/1996.
وتعتبر غابة كرم شباط من أروع مناطق لبنان، وتقدر مساحتها بحوالي 520 هكتارًا، ويتراوح ارتفاعها عن سطح البحر بين 1400 و1900مترًا، وتكمن أهمية هذه المحمية في تعدد التنوع البيولوجي من أشجار وطيور وحيوانات ونباتات، وأهم هذه الأشجار أشجار الأرز المعمرة واللزاب والشوح الكيليكي والكوكلان (العرعر) والعذر، والقطلب، وخوخ الدب وغيرها، ومن الحيوانات السنجاب، والثعلب، والضبع، والخنزير البري، والذئب، وعدد من الطيور منها الحجل، والهدهد والباشق، وأبو زريق، والحوام، والوروار، والكيخن، والنسر، والغراب، ونباتات نادرة من السحلبيات وغيرها، إذ يتواجد فيها نوعين مهمين من السحلبيات وهي Orchis simia وOrchis penctulata.
وعلى الرغم من وجود العديد من المناطق التي تستحق أن تصنف محمية في هذه المحافظة المهملة من كافة إدارات الدولة، وخصوصا وزارة البيئة، والتي من المفترض أن تكون عكار عاصمة للبيئة شمالا، لجهة التنوع الفريد الذي تتميز فيه هذه المنطقة ، وغاباتها الكثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر غابة العزر، بحيرة الكواشرة، بحيرة بينو، منطقة اليمونة، أحراج القموعة، طريق تل قندي، حرج ضهر نصار، القرنة السوداء، وادي جهنم وغيرها.
وتحتوي محمية كرم شباط التجمع الأكثر كثافة للأرز في عكار، والوحيد الذي ينمو على السفوح الشرقية، وينتشر الأرز المعمر من كرم شباط حتى غابات بلدة مشمش، وصولا لأعالي منطقة فنيدق والقموعة، وبأعداد تقدر بالآلاف، ومكونا غابات عدة منها الحريق وحقل القيس والقلة (المجاورة لبلدة مشمش والتي تتعرض للعديد من التعديات خصوصا مؤخرا كما أبلغنا ناشطون)، كما توجد مجموعات من الأرز على مقربة من أشجار الشوح الكيليكي بجانب وادي عين القطارة وعين الحجل والبويدرات في أعالي فنيدق والقموعة.
وتتعرض المحمية للعديد من التعديات منها التلوث بأنواعه والتعدي على الأشجار المعمرة بالقطع والحرق فضلا عن الرعي الجائر، كما أن الصيد الجائر يستهدف الحياة البرية فضلا عن وجود المقالع والكسارات.
ووفقا للوكالة الوطنية للإعلام، فقد قدرت الكمية التي قطعت حديثا، بأكثر من أربعة أطنان من حطب أشجار الأرز والشوح والصنوبر تم قطعها في محمية كرم شباط ومحيطها، ووجدت الأشجار مقطوعة ومرمية بالقرب من محلة "شير الصنم" وسط الغابة، والشير لفظ فينيقي يعني الصخر العالي، وتوجد في تلك المنطقة اللوحتان البابليتان الشهيرتان لنبوخذ نصر، وعليها رسم للملك البابلي نبوخذ نضر متضرعا الى أحد الرموز الدينية في ذلك الوقت.
وتبين بأن الاشجار المقطوعة حديثا، كانت قد قطعت سابقا من عمق الغابة، وعمد الحطابون المعتدون الى تركها لتجف قبل نقلها، على أنها حطب يابس حتى لا يمكن مساءلتهم قانونيا عنها، وفي انتظار تحميلها ونقلها أو بيعها.
وقد تم إبلاغ مأموري الاحراج بالحادثة، وقد تعذر حضورهم كون اليوم عطلة، بانتظار يوم غد للمعاينة وتحضير تقرير بالواقعة وتسطير محاضر الضبط.
وإذ نتفهم في موقعنا "إليسار نيوز" الوضع الإقتصادي الضاغط، الذي يدفع البعض للقيام بهذه الإنتهاكات تجهيزا للشتاء، فلا بد من رقابة دائمة على مثل هذه الأعمال، والقيام بتنظيم الأعمال الهادفة لتأمين حطب الشتاء، وذلك بالتشحيل (التقليم) المنظم، ويردفه الرعي المنظم للحد من خطر الحرائق.
كما نضع هذه الحادثة ومثيلاتها لدى الوزارات المعنية، الزراعة لجهة تفعيل دور مأموري الأحراج وتجهيزهم بالعدة والعتاد، وضرورة أن يكون هناك دوريات منظمة على مدار الساعة وأيام العطل لحماية ثرواتنا ومحمياتنا، ووزارة الثقافة لحماية الآثار الموجودة، ووزارة البيئة المعنية بهذه الخروقات لوضع حدٍّ لمثل هذه التجاوزات، والقبض على الفاعلين ومحاسبتهم، فلا يجوز أن تبقى محمياتنا مجرد "حبر على ورق" في ظل التدهور والتلوث البيئي، ولا سيما الإعتداءات على الحياة البرية بأنواعها وغيرها من الإنتهاكات المستمرة.