لإنقاذ العالم من تداعيات تغير المناخ... المطلوب 1.8 تريليون دولار!
رصد وترجمة سوزان أبو سعيد ضو
"نحتاج إلى استثمار 1.8 تريليون دولار في مبادرات لجعل العالم أكثر مرونة في مواجهة تغير المناخ بحلول عام 2030"، هذه هي رسالة تقرير نشرته مؤخرًا "لجنة التكيف العالمية" Global Commission Adaption، التي أنشأها الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون في تشرين الأول/أكتوبر 2018. وقد وجد الباحثون أن هذا قد يبدو كأنه كمية كبير من المال، إلا أنه قد ينتج عنه صافي فوائد إجمالية تزيد قيمتها على 7 تريليونات دولار.
تحذيرات
وقد حذر هذا التقرير أن الدول الغنية والفقيرة يجب أن تستثمر الآن للحماية من آثار تغير المناخ، وإن إنفاق هذا المبلغ من قبل زعماء العالم عبر خمسة مجالات رئيسية على مدار العقد المقبل، لن يساعد فقط في وقف أسوأ آثار الاحترار العالمي، بل يمكن أن يجنى أرباحا بأضعاف هذا المبلغ.
ويركز التقرير على خمس نقاط: أنظمة الإنذار المبكر ، والبنية التحتية المقاومة للمناخ، وتحسين زراعة الأراضي الجافة، وحماية أشجار المانغروف، والاستثمارات لجعل موارد المياه أكثر مرونة.
وتتكون هذه المنظمة من 34 قائدا في السياسة والعلوم والأعمال، وتضم رائد الأعمال في مجال التكنولوجيا بيل غيتس Bill Gates والرئيسة التنفيذية للبنك الدولي كريستالينا جورغيفا Kristalina Georgieva.
التقرير
إن جوهر هذا التقرير، الذي تم نشره قبل قمة المناخ للأمم المتحدة المنعقدة حاليا، هو الشعور بأن الجهود الدولية الرامية إلى التخفيف من تغير المناخ أمر مشجع وواعد، الا انه غير كاف، وهناك الكثير مما ينبغي عمله لمساعدة المجتمعات العالمية على التكيف مع تغيرات المناخ، من ارتفاع درجات الحرارة إلى ارتفاع منسوب مياه البحر والأحداث الجوية الأكثر تطرفا.
ويدعو مؤلفو التقرير إلى مزيد من الإلحاح والابتكار وعلى مستوى أوسع، وأكدوا إنه من الواجب الأخلاقي للدول الغنية الاستثمار في تدابير من شأنها المساعدة في حماية العالم.
ومن المقترحات انه يمكن تعزيز الإقتصاد عبر تقليل مخاطر الفيضانات عن طريق بناء وسائل الحماية من الفيضانات، بهدف تشجيع الاستثمار الإقتصادي في المناطق الخطرة الأخرى (على سبيل المثال: كناري وارف في لندن ، وهي منطقة استفادت من حاجز التايمز)، بينما تقدم غابات المنغروف التي تعرضت للإزالة بسبب المد العمراني، ما يزيد عن 80 مليار دولار في مجال تجنب الخسائر الناجمة عن الفيضانات الساحليةـ، كما وتوفر الحماية لأكثر 18 مليون شخص إن تم إعادة تأهيلها.
لكنهم يقولون إن هذا الاستثمار في مبادرات التكيف يجب ألا يفسر على أنه "بديل" لإجراءات أكثر صرامة لوقف أو التقليل من شدة تغير المناخ، بل العمل على التوسع وزيادة العمل في التجهيز لما يطرحه تغير المناخ من تحديات.
وبدون التكيف، حذرت المنظمة من أننا قد نشهد انخفاضًا في نمو عائدات الزراعة العالمية بنسبة تصل إلى 30 بالمئة (مع زيادة الطلب على الغذاء بنسبة 50 بالمئة)، ترافقها زيادة في عدد الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على مياه كافية على الأقل لمدة شهر واحد في السنة، من 3.6 مليار شخص اليوم إلى أكثر من 5 مليارات بحلول نصف القرن، بالإضافة إلى عدد متزايد من الناس أجبروا على الفرار من منازلهم بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر وزيادة العواصف، وتؤكد اللجنة أن التكلفة الأخيرة (الهجرة المناخية) قد تزيد عن تريليون دولار بحلول عام 2050، كما يسلط مؤلفو الدراسة الضوء أيضًا على الحقيقة القاتمة المتمثلة في أن تغير المناخ قد يجبر أكثر من 100 مليون شخص في الدول النامية إلى الرزوخ تحت خط الفقر في غضون عقد من الزمن.
ويصف التقرير "أرباح ثلاثية" إذا تم تطبيق التدابير الموصى بها، في إشارة إلى الخسائر التي تم تجنبها، والفوائد الاقتصادية، والفوائد الاجتماعية والبيئية للتكيف مع تغير المناخ، فأنظمة الإنذار المبكر، على سبيل المثال، يمكن أن تنقذ الأرواح والأصول بقيمة 10 أضعاف (أو أكثر) من تكلفتها، ووجد الباحثون أن نظام التحذير الذي يعمل على مدار 24 ساعة يمكن أن يقلل الضرر الناجم عن أحداث الطقس القاسية بنسبة 30 بالمئة، في حين أن جعل البنية التحتية أكثر قدرة على التكيف مع المناخ لها نسبة فائدة تقدر بأربع أضعاف.
خلاصة
"إن تغير المناخ لا يحترم حدود الدول، بالمقابل، يمكن للتكيف أن يخلق أفكارًا جريئة، وأن يلهم الابتكار بما يتجاوز ما يعتقده الناس ممكنا حاليًا، والأهم من ذلك كله، نحن بحاجة إلى قيادة سياسية توقظ الناس من سباتهم الجماعي" وتابع التقرير "لدينا سبب للأمل، على مر التاريخ، تكيف الناس مع التغيير، وفي الأوقات العصيبة، وجدوا طرقًا للحد من المخاطر وخلق فرص جديدة، ومع البراعة والقدرة على الحيلة، تمكن الناس من التغلب على التحديات الأكثر استثنائية، من القضاء على المرض إلى الانتعاش من دمار الحرب، نحن بحاجة إلى هذه الروح الشجاعة اليوم" وفقا لبان كي مون وغيتس وجورغيفا في تقريرهم.
ووفقا لما ذكرته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، قال بان كي مون، رئيس الأمم المتحدة السابق، الذى يرأس اللجنة: "نحن الجيل الأخير الذى يمكن أن يغير مسار تغير المناخ، ونحن الجيل الأول الذى يجب أن نتحمل عواقبه".
المصدر: iflscience.com، Daily Mail، bbc.com.