ما هي قدرة الأشجار على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون؟

مشاركة


خاص اليسار

 

 

سوزان أبو سعيد ضو

الأشجار سخية في عطاياها، لجهة تنظيف الهواء الذي نتنفسه وتعمل على إبطاء ويلات الاحتباس الحراري، وذلك بامتصاص حوالي ربع جميع انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون التي يسببها الإنسان، لكن من المحتمل ألا يستمر هذا الكرم إلى الأبد في مواجهة استهلاك الوقود الأحفوري بلا هوادة وإزالة الغابات، ولطالما تساءل العلماء عما إذا كانت الأشجار والنباتات قد تصل إلى نقطة الانهيار بحيث لن تتمكن من امتصاص ثاني أوكسيد الكربون بشكل كاف.

امتصاص ثاني أوكسيد الكربون

وقد وجد فريق دولي بقيادة علماء من جامعتي ستانفورد Stanford University  الأميركية وجامعة برشلونة المستقلة Universitat Autonoma de Barcelona في إسبانيا، سببًا للأمل في أن تواصل الأشجار امتصاص ثاني أوكسيد الكربون  CO2 بمعدلات هامة حتى نهاية القرن على الأقل، ومع ذلك، فإن الدراسة التي نشرت في 12 آب/ أغسطس في Nature Climate Change تحذر من أن الأشجار يمكنها فقط امتصاص جزءا بسيطا من ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وأن قدرتها على القيام بذلك بعد عام 2100 غير واضحة.

الحد من الوقود الأحفوري وإزالة الغابات

وقال سيزار تيرير César Terrer الباحث الرئيسي في الدراسة، وهو باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراة في علوم الأرض في كلية علوم الأرض والطاقة في ستانفورد: "الحفاظ على الوقود الأحفوري في الأرض هو أفضل طريقة للحد من ارتفاع درجات الحرارة، ولكن وقف إزالة الغابات والحفاظ على الغابات حتى يمكن أن تنمو أكثر هو الحل الأفضل التالي لدينا".

"وزن" ثاني أوكسيد الكربون

 

يعتبر ثاني أوكسيد الكربون - غاز الدفيئة المتسبب الأول في ارتفاع حرارة الأرض – وهو غذاء أساسي للأشجار والنباتات، إلى جانب العناصر الغذائية مثل النيتروجين والفوسفور، فهو يساعد الأشجار على النمو والازدهار، ولكن مع ارتفاع تركيزات ثاني أوكسيد الكربون، ستحتاج الأشجار إلى نيتروجين وفوسفور إضافي لموازنة نظامها الغذائي، إن مسألة مقدار كمية ثاني أوكسيد الكربون الإضافية التي يمكن للأشجار أن تمتصها، بالنظر إلى القيود المفروضة على هذه العناصر الغذائية الأخرى، هو عدم التأكد الحاسم في التنبؤ بالاحتباس الحراري.

الإستثمار في ثاني أوكسيد الكربون

وقال روب جاكسون Rob Jackson، المؤلف المشارك في معهد ميشيل وكيفن دوغلاس بروفوستيال the Michelle and Kevin Douglas Provostial لعلوم نظام الأرض في جامعة ستانفورد: "زراعة الأشجار أو ترميمها يشبه وضع الأموال في البنك، فالنمو الزائد من ثاني أوكسيد الكربون هو الفائدة التي نكتسبها من رصيدنا، نحتاج إلى معرفة مدى ارتفاع سعر الفائدة على استثماراتنا في الكربون".

تجارب عدة

       وقد تم إجراء العديد من التجارب الفردية، مثل "تدخين" fumigating  الغابات بمستويات مرتفعة من ثاني أوكسيد الكربون، أو زراعة النباتات في غرف مملوءة بهذا الغاز، وتم الحصول على بيانات مهمة ولكن لا توجد إجابة نهائية على مستوى العالم، وبهدف التنبؤ بدقة أكبر بقدرة الأشجار والنباتات على عزل وامتصاص ثاني أوكسيد الكربون في المستقبل، قام الباحثون بتجميع البيانات من جميع التجارب المرتفعة لثاني أكسيد الكربون التي أجريت حتى الآن - في أنظمة الأراضي العشبية والشجيرات والأراضي الزراعية والغابات - بما في ذلك التجارب التي أشرف عليها الباحثون.

الدراسة

وباستخدام الأساليب الإحصائية، والتعلم الآلي machine-learning، والنماذج المختلفة، وبيانات ومعلومات الأقمار الصناعية، حدد الباحثون كمية المواد المغذية في التربة، وعوامل المناخ التي تحد من قدرة النباتات والأشجار على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون الإضافي، واستنادًا إلى مجموعات البيانات العالمية لمغذيات التربة، قاموا أيضًا بتحديد إمكانية ثاني أوكسيد الكربون لزيادة كمية وحجم النباتات في المستقبل، عندما تتضاعف تركيزات هذا الغاز في الغلاف الجوي.

وأظهرت نتائجهم أن مستويات ثاني أوكسيد الكربون المتوقعة بنهاية القرن، ستزيد الكتلة الحيوية للنبات بنسبة 12 بالمئة ، مما يمكّن النباتات والأشجار من تخزين المزيد من ثاني أوكسيد الكربون (وهو ما يعادل ست سنوات من انبعاثات الوقود الأحفوري الحالية)، كما تسلط الدراسة الضوء على الشراكات المهمة التي تقيمها الأشجار مع ميكروبات التربة، والفطريات، لمساعدتها على امتصاص النيتروجين والفوسفور الزائد، التي تحتاجها لتحقيق التوازن مع كمية ثاني أوكسيد الكربون الإضافية،كما أكدت على الدور الحاسم للغابات المدارية، مثل تلك الموجودة في الأمازون والكونغو وإندونيسيا، باعتبارها مناطق تتمتع بإمكانية أكبر لتخزين الكربون الإضافي.

وختم تيرير الذي يتعاون بصورة ثانوية مع معهد Ciencia i Tecnologia Ambientals التابع لجامعة برشلونة المستقلة:"لقد شهدنا بالفعل قطع الأشجار العشوائي في الغابات الاستوائية البكر، والتي تعد أكبر مستودعات الكتلة الحيوية في الكوكب، وبالتالي سنخسر أداة مهمة للغاية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري".

وكنا في موقعنا "إليسار نيوز"، قد تناولنا في مقالات عدة عن التعديات التي تطاول غابات الأمازون، ومنها مؤخرا عن قيام البروفسور في مجال الفيزياء ريكاردو غالفاو Ricardo Galvão  بانتقاد الحكومة البرازيلية على حجم التعديات على هذه الغابات العذراء، والتي تعد رئة الأرض، وقد تم طرده بعدها من منصبه في رئاسة المعهد الوطني لأبحاث الفضاء INPE - Instituto Nacional de Pesquisas Espaciais  من قبل الحكومة البرازيلية برئاسة جاير بولسونارو  Jair Bolsonaro، ما يفتح الأبواب للنقاش حول مستقبل هذه الغابات، ودور الحكومات المختلفة في حمايتها والحفاظ عليها، وما يمكن أن تؤثر به في حالة إزالتها بالوتيرة التي تحدث حاليا على مستقبل الكوكب وتغير المناخ والتنوع البيولوجي.

عن phys.org، Nature Climate Change بتصرف

الصورة الرئيسية من المقال في phys.org

 

 







مقالات ذات صلة