تقرير صادم... تغير المناخ تسبب فعلا بالوفيات وبتقزم لدى الأطفال!
رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو
أصبح تغير المناخ في الآونة الأخيرة، جزءا من الأبحاث العلمية المتعمقة في كافة المجالات، وأكدت بعض نتائج دراسات معينة ما توقعه الخبراء كنظريات في ما سبق، خصوصا مع تفاقم العديد من الحالات المرضية والظواهر المتطرفة في المناخ، فضلا عن تأثيره على التنوع البيولوجي وتوازن الموائل المختلفة ومجالات كثيرة، نتابع في "إليسار نيوز" توثيقها بترجمة العديد منها أو إدراجها في مقالات مقتبسة من مصادر عالمية.
وفي هذا السياق، أورد موقع "الغارديان" نتائج تقرير علمي حديث حول تأثير تغير المناخ وسوء التغذية على النمو الجسدي والعقلي وانخفاض معدل الذكاء لدى الأطفال.
وجمع التقرير From Townsville to Tuvaluالذي أعدته جامعة موناش Monash University في مدينة ميلبورن الأسترالية 120 بحثا استعرضها نظراء 120 peer-reviewed journal articles لرسم صورة متكاملة حول التأثيرات ذات الصلة بالصحة لحالة الطوارئ المناخية في أستراليا ومنطقة المحيط الهادئ.
ولحظ هذا التقرير ما أصدرته منظمة الصحة العالمية في تقريرها الصادر عام 2018، والذي توقع أن يتسبب الاحترار العالمي بين عامي 2030 و 2050 في وفاة 250 ألف شخص إضافي سنويًا بسبب الإجهاد الحراري، وسوء التغذية، والملاريا والإسهال، لكن ميشا كولمان Misha Coleman، إحدى مؤلفي هذا التقرير، أكدت أن الوفيات قد حدثت بالفعل.
وقالت كولمان: "هناك أشخاص يموتون حاليا بسبب الوفيات المرتبطة بالمناخ، خصوصا بسبب الإجهاد الحراري"، وأضافت: "على سبيل المثال، وخلال حرائق السبت الأسود Black Saturday bushfires في ولاية فيكتوريا الأسترالية في العام 2009، نعلم أن الناس قد قضوا مباشرة من جراء الحرائق، لكن كان هناك ما يقارب من 400 حالة وفاة إضافية في تلك الأيام الحارة نتيجة الإجهاد الحراري وضربة الشمس".
وتنبأ تقرير صدر في العام 2017 في دورية "نيتشر" Nature العلمية أنه بحلول عام 2100، سيتعرض 75 بالمئة من الناس في كافة أنحاء العالم لموجات حرارة شديدة قد تؤدي إلى الوفاة.
وقد وجد التقرير أنه بالإضافة إلى الوفيات الناجمة مباشرة عن الأحداث المناخية القاسية مثل الأعاصير والفيضانات والحرائق، فإن "الأثر الأكثر عمقًا وخبثًا" جاء من الآثار الثانوية لتغير المناخ.
وقال البروفسور جون ثويتسJohn Thwaites ، رئيس معهد التنمية المستدامة Sustainable Development Institute بجامعة موناش: "تسببت الأحوال الجوية القاسية في فيضانات، لا سيما في المستوطنات غير الرسمية في المحيط الهادئ، والتي تؤدي إلى أمراض، بما في ذلك الإسهال ، والتي يمكن أن تكون خطيرة ومميتة لبعض الأشخاص، وخصوصا الأطفال".
وحذر التقرير من أن ارتفاع درجات الحرارة في العالم من شأنه أن يوسع الموائل التي تجذب البعوض، ما يعرض المزيد من الناس للأمراض بما في ذلك حمى "الضنك" Dengue و"الشيكونغونيا" Chikungunya و"الزيكا" Zika، ويسبب أيضا انتشار الأمراض الأخرى إلى أستراليا، بما في ذلك فيروس "نيباه" Nipah، الذي تنشره الخفافيش، وحمى "كيو" Q fever، وهي الحمى السائدة بالفعل في كافة أنحاء "تاونزفيل"Townsville في ولاية كوينزلاند.
وقالت كولمان: "(حمى كيو) هي حمى يتم انتشارها بواسطة الكثير من الحيوانات البرية والمدجنة، ونظرا لتغير المناخ الذي يتسبب في تدهور الموائل بسبب الحرائق والجفاف، فإن هذه الحيوانات تبحث عن العشب الأخضر والمياه العذبة وتجد نفسها على مقربة من ملاعب الغولف وعلى مسافة من مباني المتقاعدين والمسنين".
وأشارت كولمان إلى أن "المشكلة تأتي عندما تتغوط الحيوانات المصابة على المروج، ثم يقوم البشر بقص العشب، ما يؤدي إلى انتشار المرض في الجو (محمولا بالجو airborne)، ويصبح هذا (الجو المسموم) عالي القابلية للانتقال، ولهذا السبب يتم وصفه، حتى من قبل دورية لانسيت الطبية ، باعتباره سلاحا بيولوجيا bioweapon في الفناء الخلفي الخاص بنا".
ومن المتوقع أن يثير تغير المناخ قضايا طارئة بشكل خاص لنمو الأطفال الجسدي (تقزم) والعقلي (القدرات الإدراكية)، حيث يشير التقرير إلى بحث أظهر أن الأطفال المولودين لنساء حوامل أثناء تعرضهن للفيضانات في مدينة بريسبان Brisbane في العام 2011 أن لديهم قدرة إدراكية أقل (أي ما لا يقل عن 14 نقطة على مقياس حاصل الذكاء IQ scale) ، وقدرة على تعلم المفردات والألعاب التي تعتمد على الخيال بشكل أقل في عمر الثانية.
كما من المتوقع أيضا أن تتسبب القيمة الغذائية المنخفضة للمحاصيل الأساسية نتيجة زيادة تركيز ثاني أوكسيد الكربون في حدوث تراجع في النمو الجسدي بالإضافة إلى فقر الدم وسوء التغذية عند الأطفال، بين العشر سنوات والعشرين سنة القادمة.
وقالت كولمان "ما هو مستقبل أطفالنا؟ فهذه الأحداث غدت أكثر شيوعا وأكثر تكرارا ولن تصبح أقل في فترة زمنية قصيرة".
عن "الغارديان" The Guardian بتصرف
الصور: WHO، تقرير From Townsville to Tuvaluووكالات.