عن المستشفيات الحكومية... نحن من أوجد الفساد!

مشاركة


خاص اليسار

"إليسار نيوز" Elissar News

... فالسياسة كما اصطلح على تعريفها هي خدمة الصالح العام بما يحقق اهداف المجتمع، ولكنها أيضا كما صدق أرسطو ما دخلت السياسة شيئا إلا وأفسدته، من هذين المنطلقين نستطيع أن نقارن بين نوعين من السياسة، الأولى هي التي تسوس مصالح العباد وتحكمهم بما يحقق أهداف مجتمعهم، وهذا ينطبق على دول عديدة يكون حاضرها ممهدا لمستقبل مشرق من ناحية اقتصادها وخدمة شعبها كسنغافورة مثلا، والثانية سياسة تصدّق مقالة أرسطو فتفسد وتدمر وتجعل ناسها وشعبها ومجتمعها يدفع ثمن ذلك.

لبنان هو ذك القلب النابض في هذا الشرق، عروس المتوسط، ينخر فيه الفساد كما ينخر السوس في الخشب، اختار سياسيوه تطبيق مبدأ أرسطو لا بل زادوا عليه فتفننوا في الفساد في كل القطاعات من الكهرباء وصولا لقطاع الرياضة مرورا بقطاع المستشفيات الحكومية.

المستشفيات الحكومية، هذا القطاع الذي يهم غالبية الشعب اللبناني، وبطبيعة الحال لكون غالبية الشعب اللبناني إما فقيرا او تحت خط الفقر، وتلك الطامة الكبرى إذ ان غالبية تلك المستشفيات لا تجد فيها المستلزمات التي يحتاجها المريض، والأنكى من ذلك ان موظفي هذا القطاع لم يقبضوا رواتبهم منذ ما يزيد عن أربع أشهر، فكيف يمكن لهؤلاء ان يقوموا بواجباتهم إذا كانت أبسط حقوقهم لا تصل إليهم، الحديث هنا بعيدا عن موضوع الضمير والمهنية والإنسانية، إن تهميش هذا القطاع لم يكن عبثيا بل هو نتيجة حتمية لهدف أعلى ألا وهو الاستثمار في القطاع الخاص وما فيه من شبابيك وابواب للمشاركة في الارباح والفوائد، وإلا كيف يكون هذا القطاع متطورا مزدهرا؟ لا بل نجد أنه تحول إلى وحش يأكل الناس الذين باتوا يتوجهون اليه فيطردهم عن بابه بحال عدم تأمين دفعات مالية معينة أو تحت ذريعة أن أسرّة الوزارة غير متوفرة الآن، وهو يتمتع بالحماية الكاملة، وكم من حالة وحالة وحالات شهدنا فيها الموت على تلك الابواب بسبب المال، او نتيجة إهمال طبي، او (بنج زائد) أو ... وأو ... هل سمعتم يوما عن إقفال مستشفى خاص أو محاسبته؟ يعزّ علينا ان يقوم الوزير او الرئيس بإجراء فحوصاته وعلاجاته في الخارج ولا يجريها في بلده ترى لماذا؟

سأل طبيب في مستشفى خاص في مدينة مرموقة في دولة مزدهرة عن حال رجل يقبع في غرفة العناية فأجابوه بأنه رئيس دولة كذا، أحنى الطبيب رأسه ووضع يديه وراء ظهره ومشى متمتما لو كان فيه خيرا لبلده لكان بنى مستشفا ليتعالج فيه هناك.

نحن نعلم ان معظم السياسيين فاسدون وهم يعلمون انهم فاسدون وهم يعلمون اننا نعلم انهم فاسدون ومع ذلك هم يمعنون في الفساد، والأدمى للقلب أنك تراهم وتسمعهم كل يوم يعترفون بوجود الفساد والمفسدين ويطلبون بوقف الأول ومحاسبة الثاني وهم يعلمون انهم يكذبون.

في لبنان لا يوجد إلا فاسد واحد بعد الدراسة والتمحيص والتحليل والتحقيق هو الذي يقوم بكل هذا العملية، بل هو السبب الرئيسي فيها، بل هو الذي أوجدها وانتجها، هو نحن (...).

مواطن لبناني

 







مقالات ذات صلة