الأشجار قد تنقذ الأرض...لكن أي نوع يجب زراعته!
سوزان أبو سعيد ضو
في مقال سابق في موقعنا "إليسار نيوز" تحت عنوان " هل تنقذ زراعة الأشجار كوكب الأرض؟" وفي دراسة علمية موسعة وموثقة اعتمادا على أكثر من 80 ألف من صور تم التقاطها بالأقمار الصناعية (من المعهد السويسري الفيدرالي للتكنولوجيا Swiss Federal Institute of Technology في زيورخ) أكدت فيها أن زراعة مساحة قدرت بـ 0.9 مليار هكتار (مساحة الولايات المتحدة الأميركية) بالغابات، وأن تنمو أشجارها إلى مرحلة "النضوج" و"البلوغ"، فإنها يمكن أن تخزن 205 جيغا طن من الكربون.
وعلى الرغم من أن زراعة أي نوع من الأشجار يمكن أن يؤثر إيجابيا على تخزين الكربون، يبقى السؤال، أي نوع من الأشجار علينا زراعته لنحصل على أفضل مردود بيئي لجهة امتصاص وتخزين الكربون، ووفقا لكل منطقة جغرافية على سطح الكوكب.
وفي هذا المجال قال بيتر ديل تريديسي Peter Del Tredici، كبير الباحثين الفخريين في مشتل أرنولد Arnold Arboretum التابع لجامعة هارفارد ، إنه "لكي تتمكن الأشجار من تخزين الكثير من الكربون، فإنها يجب أن تعيش حياة طويلة وصحية"، وأضاف: "تريد شجرة ستعيش في مناخك بأقل قدر من العناية".
وأشار إلى أنه "لكي يكون للشجرة تأثير ملموس على البيئة، يجب أن تعيش ما لا يقل عن 10 إلى 20 سنة"، وتابع: "يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى تقوم الشجرة بتكوين أوراق كافية بحيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على البيئة".
مع وضع ذلك في الاعتبار، فإنه في الولايات المتحدة الأميركية، يمكن أن تكون شجرة البلوط Oak أن تنمو وتزدهر بصورة جيدة في الشمال الشرقي، بينما قد تكون أشجار اللبخ) Ficus أفضل في جنوب كاليفورنيا، وفي الشمال الغربي، فكل شجرة تزرع يمكن أن تكون مناسبة، تعتبر الأنواع غير الأصلية وغير الغازية مثل شجرة الجنكة Ginkgo خيارات جيدة أيضًا.
وقال ديل تريديسي إن "وصول الشجرة إلى إمكاناتها الكاملة يتطلب مساحة كبيرة من التربة ومساحة كبيرة للنمو"، وهو لا يشجع زراعة أشجار سريعة النمو مثل أشجار الحور Poplars لأنها تملك فترة حياة أقصر، الأشجار متوسطة النمو مثل (البلوط الدبوس Pin Oak أفضل من منظور تخزين الكربون.
وقالت إميلي نوبل ماكسويل، مديرة برنامج حماية الطبيعة في نيويورك The Nature Conservancy، أنه "من المهم متابعة كيفية تغير المناخ الذي قد يغير ظروفًا مثل درجة الحرارة ومدى توافر المياه مع مرور الوقت وهي أمور مهمة للغاية"، وأضافت "لذا فإن زراعة الشجرة بعناية يمكن أن يحقق فوائد مناخية إضافية، وقد تكون أكثر أهمية من تخزين الكربون".
وأشارت إلى أن: "هناك طرق لتحديد مكان زرع الأشجار بهدف زيادة فوائد كفاءة الطاقة، فمن الممكن للشجرة التي تلقي بظلالها على منزلك في الصيف، أو تساعد في عزله في فصل الشتاء، ما يقلل من فواتير الخدمات، وعلى الأرجح، انبعاثات الكربون، لذا من الأفضل أن تزرع الأشجار بطريقة استراتيجية"
وتحتوي مؤسسة أربور داي Arbor Day Foundation على العديد من الأدوات مثل أفضل مكتشف للأشجار best-tree finderوالبحث عن قدرة الأشجار على التحمل right tree for the right place بهدف تحديد الشجرة المناسبة للمكان المناسب، كما تتيح آداة I-Treeمن وزارة الزراعة الأميركية تحديد مكان زراعة الشجرة الأمثل، وهناك طريقة بسيطة ومفيدة، وهي زيارة مشتل أو حديقة نباتية للتعرف على ما قد يرغب المرء بزراعته وأخذ رأي المختصين في هندسة الحدائق.
ولكن من جهة ثانية، أشار كل من الدكتور ديل تريديسي والسيدة ماكسويل إلى أن زراعة الأشجار هي الخطوة الأولى فقط من عملية التزام ستستمر لسنين طويلة وعقود، وقالت السيدة ماكسويل: "لا تقل رعاية الشجرة أهمية عن غرسها".
وفي المحصلة، فإنه في لبنان، وبهدف المحافظة على ثرواتنا الحرجية، ليس المهم القيام بحملات التحريج والتشجير المختلفة فحسب، بل الحرص عند انتقاء الأشجار، وأن تكون مناسبة لبيئتنا ومناخنا، وإحاطتها بالعناية اللازمة بعد غرسها، ليمكنها أن تنمو وتكبر لتتمكن من تزويد الطبيعة بفوائدها المختلفة وبالدرجة القصوى، علما أن الكثير من حملات التحريج، لا تتعدى كونها حملات إعلامية، خصوصا وأن معظم الأشجار مصيرها اليباس بعد زراعتها بفترة قصيرة، وما يتبقى فمصيركثير منها الحرائق أو قطعها لإفساح المجال للتوسع العمراني والمشاريع المختلفة، لذا فإن عملية التخطيط الممنهج والإستدامة من قبل المسؤولين في الوزارات المعنية والبلديات واتحاد البلديات، لا سيما في المدن واستغلال كافة المساحات وحتى أسطح البنايات لتقليل التلوث، هي خطوات هامة بالإضافة إلى المتابعة الميدانية من قبل مأموري الأحراج وموظفي البلديات، للعناية بالأشجار المزروعة حديثا، والمتواجدة في أحراجنا وغاباتنا ومن كافة النواحي لمنع الحرائق مثل إزالة اليابس منها وما حولها من أعشاب، والأهم إبعاد المكبات العشوائية التي تشتعل فيها النيران بسبب حرائق مقصودة للتخلص منها أو بسبب غاز الميثان الذي يتسرب منها ومراقبة الأمراض التي تفتك بهذه الأشجار، ومنع القطع الجائر وأعمال المشاحر وغيرها، بهدف منع تدهور الغابات والمناطق الحرجية كما نشهد .
بتصرف عن The New York Times1
الصور CNN ووكالات.