ثماني دول في الاتحاد الأوروبي فقط تتعهد بالتخلص التدريجي من التلوث الكربوني!

مشاركة


خاص اليسار

 

رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو

على الرغم من الضغط المدني المتنامي من "طلاب المناخ"، والأحزاب الخضراء الأوروبية، ومنظمات عالمية، وناشطين في أوروبا لإقرار خطة  للتخلص التدريجي من التلوث الكربوني، إلا أنه في قمة الإتحاد الأوروبي في بروكسل لم تتقدم سوى ثماني دول من أصل 28 بخطط للتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة بحلول عام 2030 وفقا لاتفاقية باريس التاريخية للمناخ، كما لم تقدم الدول العشرين المتبقية، بما في ذلك بولندا المعتمدة على الفحم، جداول زمنية لتخليها عن الوقود الأحفوري.

 

غرينبيس

 

وقد اعتبرت منظمة "السلام الأخضر" أو "غرينبيس" Greenpeace نتائج القمة فشلا للقادة الأوروبيون، في دعم هدف الاتحاد الأوروبي للوصول إلى صافي انبعاثات غازات الدفيئة بحلول عام 2050، كما أفادت المنظمة أن الإتحاد الأوروبي فوت الفرصة الأخيرة لرفع أهداف الاتحاد الأوروبي الحالية للعام 2030 قبل قمة مناخ حاسمة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر القادم.

وقد حذرت "غرينبيس" من أن الخطة الخمسية التي تم تسريبها والتي تحدد أولويات سياسية لأوروبا قد كشفت عن إحجام عنيد من جانب العديد من الحكومات لاتخاذ إجراءات عاجلة من أجل قضية المناخ الوجودية، والأزمة البيئية المرافقة.

وتابعت "غرينبيس" في بيان لها حول هذه الخطة: "يسرد جدول الأعمال الاستراتيجي العمل المناخي كأحد المجالات الأربعة ذات الأولوية، ويذّكر باتفاق باريس للمناخ، لكنه فشل في التأكيد على الحاجة الملحة لخفض الانبعاثات الحاد الذي يتطلبه العلم، كما تشير الخطة إلى حاجة الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق (الحياد المناخي) أي الوصول إلى صافي انبعاثات غازات الدفيئة الصفرية،  لكنه لا يشير إلى الموعد المستهدف الذي يحفز اتخاذ إجراءات فورية، وتشير أيضا إلى تكلفة التصرف لوقف (انهيار) المناخ، لكنها تفشل في ذكر تكلفة التقاعس عن العمل، وهذه الخطة تسلط الضوء على الحاجة الحقيقية إلى انتقال أخضر شامل، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتنمية الاقتصادية، تفشل في الإشارة إلى تدابير مثل العدالة الضريبية".

 

المناخ دور واضح إنما ثانوي

 

وفي هذا المجال قال مدير منظمة غرينبيس بالاتحاد الأوروبي، جورغو ريس Jorgo Riss: "يشعر القادة الأوروبيون بالضغط للتحدث بشكل كبير حول المناخ ، لكن (أجندتهم الإستراتيجية) هي عبارة عن مجموعة من الكلمات الطنانة أكثر من كونها استجابة طارئة لأكبر تهديد للبشرية، تشير قائمة المقترحات المتناقضة هذه إلى أن الزعماء الأوروبيين سوف يولون الأولوية للنمو الاقتصادي بنفس الطريقة التي كانت عليها من قبل، ما يؤدي إلى زيادة التباينات الاجتماعية وتأجيج أزمة المناخ والأزمة الإيكولوجية، من المؤكد أن أزمة المناخ تحصل على (إشارة مهذبة من قبل الجميع)، لكنها تلعب دورًا واضحًا ولكن ثانويا في وضع جدول أعمال دفاعي تعتبره غرينبيس مبالغ فيه، المشكلة هي أن الوقت ينفذ، والقادة الأوروبيون أكثر قلقًا بشأن إخضاع القوميين الاستبداديين من التعامل مع الأزمة الوشيكة الحقيقية، سوف تنهار الوعود بـ(قاعدة اقتصادية قوية) و (السيطرة على الحدود الخارجية) نتيجة لتداعيات أزمة المناخ".

من جهته قال مستشار السياسة البيئية في غرينبيس في الاتحاد الأوروبي EU climate and energy policy adviser for Greenpeace's European Unit. سيباستيان مانغ Sebastian Mang : "لا يمكن للكلمات الجوفاء أن تعيد بناء منزل تم تسويته بالأرض في أرض طينية، أو تسديد خسائر مزارع فقد حصاده بسبب الجفاف، وقد فشلت ميركل وماكرون في إقناع بولندا وإقناع لآخرين، ومع مطالبة الناس في الشوارع بالتحرك والتحذيرات من العلماء بأن نافذة الاستجابة تغلق بسرعة، كانت لدى حكوماتنا فرصة لقيادة الركب نحو الأمام، ووضع أوروبا على طريق سريع نحو إزالة الكربون بالكامل، لكنهم تقاعسوا وخسروا الفرصة"، وأضاف مانغ: "يجب على القادة الأوروبيين الدعوة لعقد قمة طارئة للمناخ في الاتحاد الأوروبي لإنقاذ مصداقية أوروبا قبل اجتماع الأمم المتحدة الحاسم في أيلول/سبتمبر".

ولحظت "غرينبيس" أن أغلبية كبيرة من الحكومات لن تتوصل إلى الهدف الذي اقترحته المفوضية الأوروبية للانبعاثات الصافية الصفرية بحلول العام 2050، وفي الفترة التي سبقت قمة الاتحاد الأوروبي، أكدت عدة دول، بما فيها ألمانيا ، دعمها في وقت متأخر من المفاوضات، وعارضت بولندا والمجر وجمهورية التشيك وإستونيا هذا الهدف، وتشير الاتفاقية فقط في حاشية منها إلى أن "الغالبية العظمى" من البلدان دعمت هدف 2050 ولا تذكر الخطط لزيادة في هذا الهدف الشامل للاتحاد الأوروبي بحلول العام 2030.

 

أزمة بريكسيت

 

وتضغط مفوضية الاتحاد الأوروبي، المدعومة من ثماني دول أعضاء، بما فيها فرنسا وهولندا وإسبانيا، على رصد ربع ميزانية الاتحاد الأوروبي للإنفاق على تدابير مكافحة تغير المناخ، وستزداد حدة النقاش على الموازنة في الأشهر المقبلة خصوصا مع تفاقم الأزمة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" Brexit، خصوصا وأن مساهمة المملكة المتحدة الصافية البالغة حوالي 9 مليارات جنيه إسترليني (10 مليارات يورو ؛ 11.4 مليار دولار) سنويًا ستختفي.

ومن ضمن الدول التي تعهدت بتخفيض انبعاثاتها، تعتزم فرنسا التخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2022، أي قبل إيطاليا وإيرلندا اللتان تعهدات بذلك بحلول عام 2025، أما الدنمارك واسبانيا وهولندا والبرتغال وفنلندا فتهدف إلى القيام بذلك بحلول عام 2030.

 

خاتمة

 

سجلت الانبعاثات العالمية مستوى قياسيا في العام الماضي، ومن المقرر أن تفوت دول بما في ذلك المملكة المتحدة وألمانيا أهدافها الخاصة بالكربون في السنوات المقبلة، في حين أن دولًا أخرى، مثل فرنسا، لم تتوصل إلى أهدافها وبشكل متكرر في السنوات الأخيرة.

ولدى الاتحاد الأوروبي أهداف ملزمة لمعالجة تغير المناخ بحلول عام 2030، من ضمنها خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 40 بالمئة على الأقل بحلول ذلك التاريخ مقارنة بمستويات ما قبل عام 1990، وزيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 32  بالمئة على الأقل.

ويحذر المشاركون في الحملات لأجل المناخ، من أن هدف عام 2050، رغم أنه إيجابي على نطاق واسع، يمكن أن يكون بلا معنى دون وجود سياسات أقوى توضح كيفية تخفيض انبعاثات الكربون على المدى القريب، وهي سياسات غالباً ما يصعب الاتفاق عليها.

وقالت معهد تحليلات المناخ Climate Analytics ومقره برلين إن تأثير التعهدات كان محدودا حيث أن الدول الثمان تمثل أقل من 20 بالمئة من إجمالي طاقة الفحم المستخدمة في الاتحاد الأوروبي.

وقد توصل تقييم أجراه الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء إلى أن المجموعة ليست على المسار الصحيح لتحقيق هدف عام 2030 لاستخراج 32 بالمئة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، لأن سياسات الطاقة الفردية في الدول لا تكفي لتحقيق هذا الهدف الجماعي.

وبعد مسيرات المناخ للطلاب#fridaysforfuture  ومسيرة الإحتجاج من المجتمع المدني #Extinction Rebellion التي اجتاحت أوروبا، فضلا عن تعزيز الوضع الانتخابي للخضر في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، أصبحت لقضايا المناخ أولوية أكبر بكثير لدى القادة الأوروبيين، بمن فيهم أولئك، مثل رئيسة وزراء المملكة المتحدة تيريزا ماي، التي أولت من قبل القليل من الاهتمام لقضايا المناخ.

المصادر: France 24، FT، ednh.news، bbc.com، GreenPeace

 

 

 

 

 







مقالات ذات صلة