دور الأمطار الغزيرة في حدوث الزلازل!
مساهمة من عودة القاطع*
يشهد العالم مناخا سيئا وامطارا غزيرة هذا العام، وبحسب مطالعاتنا للبحوث العلمية التي نشرت في مجلات علمية عالمية موثوقة، أن الكثير من الدول التي شهدت هطول لأمطار غزيرة مؤهلة لأستضافة زلازل متباينة الشدة، فمثلا من دول الإقليم المجاور لسوريا ولبنان، ستتصدر الدول التي تملك سجلا في النشاط الزلزالي، كتركيا وإيران قائمة الدول المنكوبة بسبب زلازل مدمرة متكررة في غضون الثلاث سنوات التالية، وسيطاول امتداد الهزات الارضية دول قريبة من تركيا وايران كالعراق وسوريا ولبنان والاردن وغيرها، ناهيك عن الانجرافات الجبلية وهذه التوقعات، ناجمة عن كمية الامطار العزيرة التي يشهدها العالم، وللتأكيد نستعرض بعض البحوث التي نشرت لكبار علماء الجيولوجيا وفيزياء الارض في مجلات علمية مرموقة.
فقد نشرت البروفيسورة جيليان فولغر Gillian Foulger بحثا في مجلة the conversation تبين فيه العلاقة بين الأمطار الغزيرة والزلازل، وقد رصدت فولغر من جامعة درهام بانجلترا وفريقها البحثي، هزات أرضية صغيرة حدثت بعد نزول الأمطار الغزيرة بألمانيا عام 2002 وبالتحديد حول جبل هوشتاوفن Mt. Hochstaufen، ورصدوا أيضا هزات مماثلة في مناطق موتاتال وريمنستالدين بسويسرا the Muotatal and Riemenstalden regions of Switzerland عام 2005، والجدير بالذكر أن دراسات مماثلة دلت أن النشاط الزلزالي أو الهزات الأرضية تنخفض بحلول موسم الصيف في جبال الهيمالايا، وتفسيرا للأثر الذي تحدثا الأمطار كمؤهب لإحداث هزات أرضية، تقول البروفيسورة فولغر أن السبب يعود إلى تسرب مياه الامطار ببطء إلى مناطق تحت القشرة الأرضية ما يرفع الضغط بين الصخور بشكل كافٍ، ليحرك الصخور ويجعلها أكثر عرضة للتفتت، فتحدث الهزة الأرضية، وتتابع فولغر أن شيئا من هذا القبيل حدث في أوكلاهوما في الولايات المتحدة الأميركية بسبب حقن مياه الصرف الصحي في الصخور السفلى، ما تسبب بحدوث هزات أرضية وزلازل متوسطة الشدة، ولم تكن بالشدة الكافية كي يشعر بها الناس، ولكن تم رصد هذه الهزات من قبل أجهزة قياس الزلازل .
من جهته قال الأستاذ والباحث في الجيولوجيا وفيزياء الارض في جامعة ميامي بفلوريدا شيمون ودوينسكي Shimon Wdowinski وفريقه العلمي في مقال في موقع "ناشونال جيوغرافيك": "أن "نزول الامطار الغزيرة هو السبب، فقد تسبب آلاف الانهيارات الارضية والتفتت الشديد للصخور، ما يساعد على إزالة المادة الارضية من سطح الارض فيخفف الحمل الضاغط وبالتالي تحدث الحركة والاهتزازات على طول تلك الانهيارات وقام الفريق العلمي بفحص بيانات الهزات الارضية التي كانت قوتها 6 درجات على مقياس ريختر أو أكثر في تايوان وهاييتي، وقد وجدوا علاقة زمنية قوية بين السيول والزلازل، حيث وقعت هزات أرضية كبيرة في غضون أربع سنوات بعد موسم سيول استوائي شديد، وفي إطار البحث عن تاريخ المنطقة، بحث ودوينسكي بعمق في سجلات الزلازل وسجلات الأرصاد الجوية لتايوان خلال الـ 50 سنة الماضية حيث تعاني تايوان كثيرا من الأمطار الغزيرة والزلازل، ووجد أن الزلزال الذي ضرب تايوان عام 1999 وبقوة 7.2 ريختر، كان بعد ثلاث سنوات فقط من الإعصار الذي ضرب تايوان وبلغ ارتفاع المياه الناجمة عن الامطار الغزيرة مترين.
وقال بعض الخبراء القليل من المطر كافٍ لإنتاج هزة ارضية، لأن قشرة الارض في توازن رقيق يترنح على حافة هزة طفيفة في أي لحظة، وأصبح الآن بإمكان العلماء توقع حدوث الزلازل في المناطق التي شهدت أمطار غزيرة مؤخرا.
إضافة إلى المقال من "إليسار نيوز": المقال هام من نواح عدة، خصوصا إن رجعنا إلى النص الأصلي الذي ربط بين الأنشطة في المناجم وضخ ثاني أوكسيد الكربون وغيرها من الأنشطة البشرية لا سيما الهياكل الضخمة والزلازل، وكتب في المقال "تشمل الأنشطة الأخرى التي يمكن أن تحفز الزلازل تشييد الهياكل الثقيلة، فمبنى تايبيه 101 وهو مبنى وصل وزنه إلى 700 ميغا طن ، التي أثيرت في تايوان في تسعينيات القرن الماضي، وأنحي باللائمة عليه بالنسبة لوتيرة زيادة وحجم الزلازل القريبة".
وهنا نطرح التساؤل في لبنان حول العلاقة بين تشييد سد بسري قرب فالق روم، وما قد يمكن أن يؤثر على طبقات الأرض لناحية الوزن وتسرب المياه في شقوق الصخور الكلسية التي تكوّن أرضية هذا السد، وما يمكن أن تشكله من مخاطر لجهة الزلازل وغيرها في المستقبل.
*عودة القاطع: باحث من سوريا
المصادر: مجلة The Conversation، National Geographic
ملاحظة: يفتح موقع "إليسار نيوز" أبوابه أمام مشاركات القراء، وتعبر المعلومات والآراء الواردة في المقال عن رأي صاحبها الشخصي، وقد قام فريق التحرير في موقع "إليسار نيوز" بتحرير المقال فحسب، والإضافة التي وضعت كتعليق من إدارة التحرير يتحمل مسؤوليتها الموقع، فيما هو غير مسؤول عن المحتوى أو المعلومات أو أي مواد أخرى أو مصدرها والواردة في المقال.