نهر في عاليه تحت وطأة التلوث... وجريصاتي يعد بالمتابعة!
سوزان أبو سعيد ضو
ما الذي يحصل في النهر الذي يمر عبر عاليه، الغابون، بيصور، مجدليا، جسر القاضي نحو البحر، هذا النهر الذي يسمى باسم كل منطقة يمر فيها، فهو يعرف في منطقة الغابون بنهر الغابون، وفي بيصور بنهر بيصور، ويعاني هذا المجرى المائي شحا في فترة الصيف وخصوصا في السنوات الماضية بسبب قلة المتساقطات والضخ الجائر، إلا أنه في الفترة الأخيرة، شهد غزارة في مياهه ولكن تشوه هذا المشهد الآسر رغوة تملأ سطحه، ورمول وأوحال تتواجد فيه وعلى طول مجراه.
فقد شاركنا المواطن والناشط الإجتماعي عمر العريضي بعدة فيديوهات، توثق تلوثا يطاول هذا النهر، أسوة بأنهرنا كافة، ومنها الليطاني وغيره، والصور صادمة ما استدعى وزير البيئة وعده بمتابعة التحقيق في هذا الموضوع.
ويوثق أحد الفيديوهات آلة حفر بئر ارتوازي تضخ الصابون وتلقيه نحو مجرى النهر مع الرمول والوحول في منطقة الغابون، أما الفيديوهات الثلاثة الأخرى فصورت في بيصور وفي مناطق مختلفة من مجرى النهر هناك، وتتجه المياه بعدها نحو مجدليا فجسر القاضي حاملة معها كل هذه المواد نحو البحر.
العريضي
وكتب العريضي على صفحته على موقع "فيسبوك":"نفايات، وكلس، ومواد كيميائية بالنهر!! من عاليه، للغابون لبيصور ومجدليا وجسر القاضي للبحر!!! حدا بيعنيلو الموضوع؟ او مش مضر قد الزواج المدني... انزلو شوفو اذا بعد في سمك، وجربو حزرو شو رح يكون في بالخضرا والفواكة يلي عم تنسقى من هالنهر، فيما يلي:حفر بئر ارتوازي مع استخدام مواد كيميائية من المؤكد تأثيرها على الثروة السمكية وغيرها..."، بكلماته البسيطة عبر العريضي عن معاناة مواطن ووطن يعاني من ما تقوم به بعض الأيادي الآثمة ابتغاء للقليل من الربح، بالمقارنة مع ردود الفعل على اقتراح الزواج المدني الإختياري.
وأبدى العريضي سعادته للسرعة التي تم فيها التعامل مع ما نشره، إذ أنه بعيد نشره التحديث على صفحته بقليل، تواصل معه عدة أطراف، ومنها مكتب الوزير السابق طلال أرسلان، للإستفسار عن الموضوع ووعدوا بتقديم شكوى لوزارة البيئة، وبالفعل تجاوب الوزير فادي جريصاتي واعدا بالتحقيق في هذا الأمر.
وقال العريضي لـ "إليسار نيوز": "تواصلت مع جهات من بلدة الغابون، وقالوا لي أنه يوجد عدد من المعامل والمصانع في المنطقة، منها معمل باطون ينتج الكونترا، ومعمل نايلون في بخشتيه (عاليه)، ومعمل بلاط يلقي مادة الكلس في الرجمة، وهذا البئر الإرتوازي".
زعاطيطي
من جهته قال الخبير في مجال الهيدروجيولوجيا الدكتور سمير زعاطيطي لـ "إليسار نيوز": "من الطبيعي استعمال هذه المواد في الحفر الرحوي Rotary وهو عبارة عن حفر باستعمال مثقاب دوار مع نوع من الصابون العادي المستعمل للغسيل في الحفر كعملية (تشحيم) Lubrication لقطع الصخر والوحل والرمل المتجمع في قعر البئر، ويتم بهذا النوع من الحفر ضخ مزيج مياه وصابون داخل القساطل لتصل الى رأس الحفر بضغط عالي، والمياه تساعد على حمل الناتج الصخري من الحفر، أما الصابون فيساعد على ازالة الوحل من ناحية وعلى تخفيف وزن المياه الخارجة من البئر نحو الخارج، وهو ما يظهر في الفيديو، وهذه الطريقة هي الأحدث في حفر الآبار بالمقارنة مع الحفر القديم بطريقة الدق التي تتم بواسطة أداة تشبه الإزميل، وذلك بإحداث ضربات متكررة في أسفل البئر"، وأشار زعاطيطي إلى أن "الصابون لا يلوث بمقدار الصرف الصحي والصناعي الذي تعاني منه المنطقة، وهذه الطريقة الأحدث بحفر الآبار، ولكنه يظهر على السطح لوزنه القليل مقارنة مع المياه لوحدها أو الرمول والصخور التي تترسب في القعر، وشخصيا قمت بحفر بئر بهذه الطريقة وتم ري شجر زيتون منها، ولم يتأثر الإنتاج بل كان جيدا من حيث الكمية والنوعية".
سليم
من ناحيته قال الخبير في مجال الهيدروبيولوجيا الدكتور كمال سليم: " يتأثر التنوع البيولوجي بشكل عام بما يلقى في المجاري المائية من ملوثات، سواء كانت من الصابون أو الرمول والصخور أو المواد الصناعية والكيميائية المختلفة، ولا سيما الأسماك النهرية، التي تعتبر حساسة بشكل كبير لهذه المواد، كما تتأثر الحياة المجهرية من طحالب وحيوانات دقيقة أساسية في النظام الإيكولوجي النهري، حيث تساهم مثل هذه الرغوة بتقليل كمية الأوكسجين التي تصل إلى الكائنات الحية، فضلا عن الرمول والمبيدات والأسمدة التي تؤدي إلى انخفاض نوعية مياه المجاري المائية وهو ما يؤثر على غنى المنطقة من الناحية البيولوجية ويؤدي إلى تهديد الأنواع من حيث الكمية والنوعية، كما أن كل هذه الملوثات تصل إلى البحر، وتؤثر على المخلوقات البحرية المختلفة".
ولا بد من الإشارة إلى كمية الصابون المستعملة والتي وصلت إلى مجرى النهر على طول المسافة من الغابون إلى بيصور، ولفت سليم إلى أنه "لا بد من معايير معينة للكميات المستخدمة في حفر الآبار ومن رقابة تشمل الكمية والنوعية وعدد الآبار التي تحفر حفاظا على المياه الجوفية، فضلا عن التنوع البيولوجي".
وختم سليم: "لا بد من القيام بفحص لهذه المياه مخبريا ولكن بصورة مستمرة Monitoring، لدراسة تأثيرها على هذا الأمر، فضلا عن وجود الملوثات الأخرى مثل المبيدات والأسمدة، والمعادن الثقيلة والملوثات المختلفة".
وننتظر نتيجة التحقيق الذي يقوم به الفريق التابع لوزارة البيئة للمتابعة، على أمل أن يصل إلى نتائج تساهم بالحفاظ على الغنى الحيوي المتميز في بلادنا، فضلا عن متابعة الرقابة من المعنيين على المؤسسات الصناعية والمنشآت والمزارع على طول هذا النهر وغيره، وتطوير القوانين والعقوبات بصورة رادعة، ولعل الأمر الإيجابي أيضا أن يصبح كل مواطن خفيرا أسوة بالعريضي، على ثروات ومقدرات بلادنا، مع التنويه بالإستجابة السريعة لوزارة البيئة ومتابعتها كافة القضايا الآنية.
روابط الفيديو:
منطقة البئر الإرتوازي في الغابون:
https://www.youtube.com/watch?v=jG7lZjpBioI&t=2s
من مناطق مختلفة في بلدة بيصور على مجرى النهر:
https://www.youtube.com/watch?v=CXD4KStwnyM
https://www.youtube.com/watch?v=JOAtNExS0L4
https://www.youtube.com/watch?v=r3kHeCQmPxw
تصوير: عمر العريضي