أول دراسة من نوعها...تعافي أعداد السلاحف الخضراء في جزر كايمان بعد أربعين عاما!
رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو
يعتبر برنامج إعادة إدخال السلاحف الخضراء في جزر كايمان أمرا حاسما من أجل استعادة هذا النوع في هذه المنطقة في العالم، والذي تهدده تأثيرات الاستغلال المفرط للإنسان، وأتى ذلك وفقا لدراسة نشرت في مجلة "علم البيئة الجزيئية" Molecular Ecology بقيادة الباحثتين والخبيرتين في هذا المجال، مارتا باسكوال Marta Pascual وكارلوس كاريرا Carlos Carreras، من مختبر علم الوراثة التطوري the Evolutionary Genetics laboratory لكلية علم الأحياء ومعهد أبحاث التنوع البيولوجي Biodiversity Research Institute (IRBio) التابع لجامعة برشلونة.
أول دراسة جينية
وتمثل الدراسة الجديدة، مع مؤلفتها الأولى آنا باربانتي Anna Barbanti من (UB-IRBio)، أول دراسة جينية لمشروع إعادة تكاثر هذه الأنواع المهددة بالانقراض، مع السلاحف الخضراء المتواجدة في الطبيعة في جزر كايمان، وهو إقليم بريطاني ما وراء البحار.
ووفقاً للاستنتاجات، تم استرجاع التجمعات البرية الحالية من السلاحف الخضراء في جزر كايمان نتيجة لعملية إعادة الإدخال، وتبين أن هذه التجمعات تمثل تنوعًا جينيًا واسعا، ولا تظهر أي صعوبات فيما يتعلق بالتكاثر فيما بينها، ومع ذلك ، يوصي واضعو الدراسة بإجراء مراقبة وراثية للأنواع في منطقة المحيط الأطلسي، لأنها تُظهر نظاما وراثيا مختلفا مقارنة ببقية سلاحف منطقة البحر الكاريبي.
ومن الخبراء المشاركين الآخرين في هذه الدراسة كلارا مارتين Clara Martín وفيكتور أوردونيز Víctor Ordóñez من (UB-IRBio) ، وخبراء آخرون من جامعة إكستر University of Exeter، ومزرعة سلاحف جزر كايمان Cayman Turtle Centre (CTF) ، وإدارة البيئة في حكومة جزر كايمان the Department of Environment of the Cayman Islands Government (المملكة المتحدة).
خطر الإنقراض
والسلاحف الخضراء واسمها العلمي (Chelonia mydas) أنواع مهاجرة موزعة عالمياً في خطوط العرض الإستوائية وشبه المدارية، ترتاد شواطئ حوض البحر الأبيض المتوسط للتعشيش، والتي تم استغلالها تقريبا بالكامل من قبل النشاط البشري، وهذا النوع هو الأكبر في عائلة السلاحفCheloniidae يمكن أن تصل إلى وزن يزيد عن 200 كيلوغرام، وهذا النوع لديه سلوك "العودة إلى مكان الولادة" natal philopatry behaviour لوضع بيضها. والعوامل مثل التلوث البحري، وفقدان الموائل الطبيعية، وضغط صيد الأسماك وصيدها خطأ بالشباك، يعرض بقاء هذه السلاحف للخطر، والتي تصنف على أنها من الأنواع المهددة بالانقراض وفقاً للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN).
أربعون عاما من المتابعة
وخلال الثمانينيات من القرن العشرين، تسبب الاستغلال المفرط للسلحفاة الخضراء في جزر كايمان في اختفاء عشائش هذه السلاحف، وبهدف استرداد هذه الفئة المهددة بالانقراض، تم إطلاق برنامج لإعادة إدخال الأنواع، بالتعاون مع أفراد من مزرعة "سلاحف جزر كايمان"(CTF)، وبعد مرور أربعين عاما، أظهرت البيانات أن الأعداد قد ازدادت، لكن الباحثين لم يعرفوا ما إذا كان هذا نتيجة لعملية إعادة الإدخال أو الانتعاش الطبيعي للسلاحف بمقاومتها للعوامل المهددة.
في الدراسة الجديدة ، يقوم الخبراء بتحليل العديد من "الوسمات الجينية " (التسلسل الجيني المميز) لمعرفة درجة النسب (القرابة) الطبيعي لأعداد السلاحف الخضراء المتواجدة في جزر كايمان والناتجة بعد تكاثرها مع الأفراد الموجودين في المزرعة، وبالتالي تقييم تأثير عملية إعادة الإدخال على أعدادها في البرية.
ويقول كارلوس كاريراس، عضو قسم علم الوراثة والميكروبيولوجيا والإحصاء في UB وIRBio في مجال التنوع البيولوجي، "يعد التنوع الوراثي عاملاً رئيسياً يسهل التكيف بين السلاحف في البيئة الطبيعية ودرجة تحملهم مختلف التغيرات البيئية، وفي هذا السياق، من الأهمية بمكان إجراء مراقبة جينية لعمليات إعادة التقييم لتقييم نجاحها وإمكانياته، فضلا عن االنتائج المترتبة على الأنواع المستهدفة من إعادة الإدخال" ، وأضاف:"إن الأنواع المهددة تقلل من خيارات البقاء على قيد الحياة بسبب الإفراط في التزاوج الداخلي، ومن جهة ثانية فإن إعادة الإدخال السيئة يمكن أن يكون لها عواقب سلبية بسبب مزيج الكائنات المختلفة وراثياً، حيث أنها يمكن أن تخلق أنواعًا هجينة غير ملائمة للظروف البيئية المحيطة".
علاقات وراثية وثيقة
وكشفت الدراسة الجديدة أن السلاحف البرية الخضراء لديهم علاقة وراثية وثيقة مع تلك الموجودة في مزرعة كايمان للسلاحف" CTF وفقًا لما قالته مارتا باسكال، وهي عضو في الإدارة المذكورة و IRBio ، فإن "90 بالمئة من الأفراد كانوا مرتبطين جينيا بتلك الأفراد الموجودة في المزرعة، وهذا يعني أن عملية إعادة الإدخال كانت مهمة جدًا في استعادة تلك السلاحف المهددة".
وبدأت عملية إعادة الإدخال في المزرعة مع أفراد من السلاحف الأبعد عن المجموعة الموجودة في الجزر، وهذا ما يفسر السبب في أن التنوع الجيني للسلاحف من الجيل الأول أعلى من وزن والديهم، هذا التغير الجيني للسلاحف الأصلية يتغير نتيجة لعملية الأسر المتوقعة ولكن أيضا بسبب تأثيرات إدارة المجموعة في المزرعة CTF، فعلى سبيل المثال، استخدموا الفوج الذب يشبه البالغين بهدف الإكثار ليحلوا محل الخسائر التي تسبب بها إعصار ميشيل في عام 2001، وهذه الاستراتيجية زادت من درجة النسب بين أفراد السلاحف في المزرعة. ولذلك، فإن مثل هذه الدراسات العلمية مثل تلك الموجودة في علم البيئة الجزيئية، هي أدوات أساسية لاتخاذ القرارات الصحيحة في إدارة الأنواع المهددة وانعاش اعدادها.
محاذير
وتبين الدراسات الحالية المتعلقة بالوسم للأفراد الموجودة في المزرعة، أن هناك عدد يتراوح بين مئة ومئة وخمسين بالغا من الإناث التي يمكنها التكاثر في جزر كايمان، في هذا الوضع لحماية التنوع البيولوجي، ويمكن أن تصبح برامج إعادة الإدخال للأنواع المهددة بالانقراض أداة فعالة للمحافظة عليها ولكنها يمكن أن تكون غير فعالة ، ويمكن أن يكون لها حتى نتائج سلبية على السكان المهددين والأنظمة البيئية الطبيعية، وحذر الخبراء: "لذلك ، من الضروري تصميم هذه البرامج لإعادة إدخال الأنواع المهددة بدقة علمية وإجراء مراقبة علمية طويلة الأمد لتقييم نجاحها والنتائج المحتملة على الأنواع" .