خبراء يحذرون... اتفاق المناخCop 24 "غير كافٍ" ويفتقر إلى معالجة حالة المناخ الطارئة!
رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو
أتى اتفاق المناخ في مدينة كوفيتشي غرب بولندا، مخيبا لآمال الكثيرين، خصوصا آلاف من العلماء والخبراء، الذي تابعوا على مدى شهور عديدة في الأبحاث، لصياغة "تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ"The Intergovernmental Panel on Climate Change، والصادر في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والذي أعيدت صياغته عدة مرات خلال مؤتمر Cop24، وذلك بما يلائم الدولة المضيفة بولندا، ولا سيما شركات الفحم فيها التي رعت المؤتمر، واجتماع دول مثل الولايات المتحدة الأميركية، روسيا، المملكة العربية السعودية، والكويت بمؤازرة الصين والبرازيل، وعملهم على إضعاف وإجهاض المساعي الهادفة إلى خفض الإحترار المناخي بما يتجاوز النصف بحلول العام 2030، خصوصا مع توالي الأحداث المناخية الكارثية التي تصيب الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وبالتحديد الجزرية منها المهددة بالغرق، فضلا عن تأثيره على التنوع البيولوجي، وانقراض أعداد لا تحصى من الكائنات، وما يشهده العالم من فيضانات وجفاف وعواصف وغيرها من الظواهر المناخية المتطرفة.
فشل الجهود
وكتبت صحيفة "الغارديان" في مقال للصحافية فيونا هارفي Fiona Harvey تحت عنوان "خبراء يحذرون... اتفاق المناخ Cop 24 "غير كافٍ" ويفتقر إلى معالجة حالة المناخ الطارئة!"UN climate accord inadequate and lacks urgency, experts warn، "ظهر واضحا أن أفضل الجهود التي يبذلها العالم حتى الآن، ستفشل في وقف التغير المناخي، حيث توصلت البلدان إلى اتفاق جزئي في محادثات الأمم المتحدة التي فشلت في مواكبة التحديات التي تواجهها"، وتابعت:"أكدت شخصيات بارزة في علوم المناخ والاقتصاد، أنه يجب عمل المزيد وبسرعة لتفادي احتمال حدوث مستويات خطيرة من الاحترار العالمي".
وتابعت هارفي "سوف تجتمع البلدان مرة أخرى في العام المقبل، وقد استمرت محادثات المناخ السنوية هذه منذ العام 1992، عندما تم توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتي تلزم الحكومات بتجنب المستويات الخطيرة لهذا التغير، وجاء ذلك الاتفاق بعد سنوات من التنبؤات العلمية حول ظاهرة الاحتباس الحراري، والتي بلغت ذروتها في تقرير تاريخي في العام 1988 حذر من هذه المخاطر".
خبراء في المناخ والإقتصاد
واقتبست هارفي قول كبير اقتصاديي البنك الدولي سابقا، ومؤلف "مراجعة لاقتصاديات تغير المناخ" Stern Review: The Economics of Climate Change نيكولاس ستيرن Nicholas Stern : "من الواضح أن التقدم الذي نحرزه غير كاف، بالنظر إلى حجم والحاح المخاطر التي نواجهها، وتشير أحدث الأرقام إلى أن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون لا تزال ترتفع، وهناك طرق عدة بين أيدينا، أكثر جاذبية ونظافة وكفاءة للتنمية الاقتصادية، بهدف الحد من الفقر".
وقال يوهان روكستروم Johan Rockström، المدير المعين في معهد "بوتسدام لأبحاث التأثيرات المناخية" Potsdam Institute for Climate Impact Research: "قلقي الأكبر هو أن محادثات الأمم المتحدة فشلت في مواءمة الطموحات مع العلم، فما زلنا نتبع مسارا يقودنا إلى عالم أكثر خطورة، وبزيادة تتراوح بين 3 و4 درجات خلال هذا القرن، لقد ضربت الأحداث المناخية الشديدة البشرية في كافة أنحاء الكوكب بالفعل، وبزيادة درجة مئوية فقط".
سؤال دون إجابة
ولفتت هارفي إلى انتهاء "محادثات الأمم المتحدة التي استمرت أسبوعين في بولندا بوضوح حول قواعد ستحكم كيفية تنفيذ اتفاق باريس لعام 2015، لكن السؤال المهم حول كيفية دفع أهداف الحكومات إلى الأمام للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والذي بقي دون إجابة".
وتابعت "منذ ذلك الحين، أصبحت التحذيرات أكثر وضوحا، وأزال العلماء الشكوك باحتمال أن الاحترار العالمي الذي لوحظ في العقود الأخيرة كان بسبب القوى الطبيعية، وأكدت إنها مشكلة من صنع الإنسان، وناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري، الذي أغرق الغلاف الجوي بغاز ثاني أوكسيد الكربون الحابس للحرارة".
وأشارت هارفي إلى أن" العلماء يؤكدون أن العالم سيصل إلى أكثر من 3 درجات من الاحترار في ضوء الأهداف الوطنية الحالية لخفض الانبعاثات، وقبل شهرين، وجد أبرز علماء المناخ في العالم في (الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ)، أنه حتى 1.5 درجة مئوية إضافية من الاحترار، سيتسبب هذا في ارتفاع في مستوى سطح البحر، وابيضاض ونفوق الشعاب المرجانية، وانقراض الأنواع، والجفاف، والفيضانات، والعواصف، وموجات الحرارة التي من شأنها تهديد استقرار العالم".
تدمير أجزاء أكبر من الكرة الأرضية!
ولفتت إلى أن "مستويات احترار أكبر من ذلك ستدمر أجزاءا من الكرة الأرضية، مما يقضي على الإنتاجية الزراعية، ويذيب الغطاء الجليدي للقطب الشمالي، ويجعل العديد من المناطق غير صالحة للسكن".
وقد دعت بعض الشركات الحكومات إلى العمل، واقتبست هارفي في مقالها قول الرئيسة التنفيذية لمجموعة "مؤسسي الأعمال المستثمرين المعنيين بتغير المناخ" Institutional Investors Group for Climate Change ستيفاني فايفر Stephanie Pfeifer والتي تمثل مستثمرين بأكثر من 21 تريليون دولار (16.7 تريليون جنيه استرليني): "من الأهمية بمكان أن تعترف حكومات العالم بالتحدي الخطير الذي يمثله تغير المناخ، وبشكل عاجل، وزيادة جهودهم على المستوى الوطني والعالمي، ومن خلال إشارات كهذه فقط، سيوجه المستثمرون ثقتهم اللازمة لتخصيص رؤوس الأموال اللازمة لمشاريع تراعي الانتقال المنخفض الكربون، والقدرة على التكيف مع المناخ".
وختمت هارفي: "من المحتمل أن تركز مفاوضات العام المقبل، في تشيلي، على المسائل التقنية الضيقة، لكن مؤتمر 2020، والمتوقع أن يعقد في المملكة المتحدة أو إيطاليا، سيكون الأكبر منذ اتفاقية باريس التاريخية في العام 2015، وسيتعين على البلدان وضع خطط لخفض الانبعاثات بشكل كبير من أجل تجنب حدوث أزمة مناخية سيؤدي إلى مزيد من الاضطراب الاقتصادي والاجتماعي والطبيعي أكثر من أي شيء في تاريخ البشرية"!
المصدر: The Guardian، The Conversation ووكالات.