خطر الغرق يتهدد مواقع على لائحة التراث العالمي منها صور تونس والإسكندرية!
"إليسار نيوز" Elissar News
تواجه مواقع متوسطية مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي تهديدا بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر، خصوصا مدينة صور في لبنان والبندقية في إيطاليا، وهذا ما تؤكده دراسة نشرت نتائجها الثلاثاء مجلة "نيتشر كومنيكشنز" Nature Communications.
وتضمنت هذه الدراسة التي أجرتها جامعتا كيل الألمانية Kiel University وساوثمبتون البريطانية University of Southampton، مؤشرا يظهر درجة التهديد اللاحق بهذه الكنوز الثقافية تبعا لمدى تعرضها لمخاطر التغير المناخي بحلول نهاية القرن.
وعلى الرغم من أن الدراسة لم تذكر مدينة الإسكندرية المصرية، لكن باحثين يعتبرونها من أهم المدن التي ستتضرر بسبب تغير المناخ، حيث يهدد الخط الساحلي المدينة التاريخية ببطء، مع ارتفاع مستويات سطح البحر بسبب الاحتباس الحراري.
وقالت المشرفة على فريق البحث، لينا ريمان Lena Reimann من جامعة كيل في ألمانيا، إنه لا يمكن استعادة هذه المواقع في حالة تعرضها للتدمير أو الفقدان. وأنشأ فريق الباحثين قاعدة بيانات لجميع مواقع اليونسكو المعرضة للخطر، مستخدما نماذج رياضية للتنبؤ بكيفية تأثير ارتفاع مستويات البحار عليها.
ويرتبط ارتفاع مستوى سطح البحر بعوامل أساسية تظهر كلها في التغير المناخي المستمر في شتى أرجاء الكرة الأرضية، منها تمدد مياه البحار والمحيطات مع ارتفاع درجة حرارتها، وعندما ترتفع مستويات سطح البحر بسرعة، حتى وإن كانت نسبة الارتفاع طفيفة ستعقبها آثار مدمرة على المناطق الساحلية خاصة.
ووجد الباحثون حوالي 49 موقعا من أصل 159 تواجهها مخاطر جسيمة، ونظرا إلى الأعداد الهائلة من المواقع التاريخية التي تقع على طول السواحل، فإن ثلث هذه المواقع مهددة بالانقراض.
وتوصلوا إلى أن مخاطر الفيضانات ستزداد بنسبة 50 بالمئة حتى العام 2100، في جميع أنحاء المنطقة، مع ارتفاع الحد الأقصى لعمق الفيضانات بنسبة 290 بالمئة، وتصدرت قائمة المواقع المهددة بالاندثار، مدن إيطالية هي البندقية وخليجها، إضافة إلى فيرارة وأكويليا العائدتين إلى القرون الوسطى، وهذه المواقع قريبة من البحر الأدرياتيكي الذي يشهد وفق بيان لجامعة ساوثمبتون ارتفاعا عاليا في مستوى مياهه.
وتتعرض مدينة البندقية العائمة لخطر الغرق ببطء بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر، حيث يتوقع الباحثون أن يغمر ارتفاع مستوى البحر الأدرياتيكي أجزاء كبيرة من المدينة خلال العشرين عاما المقبلة، إذا ما لم تفعل السلطات شيئا لوقف ارتفاع المياه.
وسبق لمنظمة اليونسكو أن حذرت من أن البندقية تغرق بمعدل عشرة سنتيمترات في القرن بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر "جراء تقدم الدلتا وانضغاط الرواسب"، وفي القرن العشرين، فقدت من 10 إلى 13 سنتيمترا إضافية بسبب المصانع التي كانت تسحب من المياه الجوفية.
ويقول الباحث في معهد "كريبس" لعلم المحيطات في كاليفورنيا، إيهودا بوك، "يبدو أن البندقية تواصل الهبوط، بمعدل حوالي ميليمترين في السنة"، لافتا إلى أنه "تأثير بسيط، لكنه مهم"، وأشار إلى أنه إذا استمر ارتفاع مستوى المياه في بحيرة البندقية بالمعدل نفسه، فإن المدينة ستهبط بمعدل 0.08 متر إلى المحيط بحلول العام 2023.
وقال الخبراء إن البندقية والكثير من المدن الإيطالية المتواجدة على ساحل البحر الأدرياتيكي عرضة لخطر الزوال معا في حال استمرت مستويات البحر في الارتفاع.
مدينة تونس العتيقة ومجمع كسانتوس- ليتون في تركيا يفلتان من خطر الفيضانات والتآكل، فوفقا لباحثين من إيطاليا وفرنسا، فإن البحر المتوسط سيرتفع بنسبة تصل إلى 5 أقدام ما يعادل 140 سنتيمترا قبل عام 2100، وأكد باحثون من "المعهد الوطني للجيوفيزياء وعلوم البراكين" في إيطاليا، أن ظاهرة الاحتباس الحراري تفسر تسارع ارتفاع مستوى سطح البحر.
ودرس العلماء "محاجر حجر الرحى" الدائرية على طول ساحل البحر المتوسط خلال الألف عام الماضية، لفهم كيفية تغير مستويات سطح البحر، وبعد ذلك استخدموا نماذج للتنبؤ بكيفية ارتفاع مستويات البحر بسرعة في المستقبل.
الجدير بالذكر، أن "محاجر حجر الرحى" هي الأحجار الدائرية التي تم استخراجها لطحن الحبوب في العصر الحجري بين 4 آلاف و2500 قبل الميلاد.
ووجد الباحثون أن 33 منطقة في إيطاليا عرضة لخطر الاندثار تحت سطح البحر خلال الـ100 عام المقبلة.
وتشمل المناطق المعرضة للخطر كلا من فيوميتشينو في لاتسيو، وفيرسيليا في توسكانا، والأراضي حول بو، وفوندي وسيلي وأنهار فولتورنو، والمناطق الساحلية القريبة من كاتانيا وكالياري وأوريستانو.
كذلك تواجه مواقع أخرى في المتوسط الخطر ذاته، أبرزها مدينة صور الأثرية في جنوب لبنان والتي يتميز تراثها بمرور حقبات تاريخية متعددة عليها، منذ أيام الفينيقيين إلى فترات الحقبة العربية.
ويحذر باحثون آخرون من مخاطر تغير المناخ على مدينة الإسكندرية، الواقعة على البحر المتوسط، حيث يهدد الخط الساحلي المدينة التاريخية ببطء، مع ارتفاع مستويات سطح البحر بسبب الاحتباس الحراري العالمي.
المصدر: صحيفة العرب، ناتشر كوميونيكاشنز