"المشاحر" تستبيح أحراج بلدة "جاج"... مجزرة بيئية برسم المعنيين!
سوزان أبو سعيد ضو
لم تسلم المناطق اللبنانية كافة من التعديات على الأملاك الخاصة والعامة، من الكسارات والمرامل التي تقضم المرتفعات والجبال، إلى فضائح الصيد البري، وصولا إلى المسطحات المائية المشرعة لمياه الصرف الصحي ومخلفات المصانع الملوّثة بمواد كيميائية ومعادن ثقيلة، فضلا عن مياه الري المشبعة بالمبيدات والمخصبات الكيميائية، ونفايات المستشفيات الخطيرة، ومكبات النفايات العشوائية وغير ذلك مما لا يتسع المجال لذكره من مخالفات وتعديات.
وفي هذا السياق، وصلت موقعنا "إليسار نيوز" شكوى من نوع ثانٍ، فقد أشار ناشطون إلى وجود تعديات تطاول الأراضي الحرجية في منطقة "جاج" التي تضم أشجار أرز معمرة، في أراض خاصة وعامة، مع انتشار "المشاحر" أو "التفحيم" وما يرافقها من قطع أشجار لتأمين استخراج الفحم النباتي.
قوانين الأحراج والتفحيم
والقوانين المتبعة في مجال قطاع التفحيم هي ضمن قانون الغابات الصادر في العام 1949 فضلا عن المراسيم والقرارات اللاحقة المتصلة بحماية الثروة الحرجية خصوصا تلك المتعلقة بتشحيل الأشجار الحرجية وتفريدها وبشروط قطع الأشجار وصناعة الفحم، وأهمية الاستثمار الرشيد للغابات وفق تراخيص تحدد آلية هذا الاستثمار وشروطه، أما القرار الذي يحمل الرقم 433/1 والصادر بتاريخ 30/8/2010 المتعلق بتنظيم قطع واستثمار الاحراج والغابات، فيشتمل على عدة شروط للتشحيل والتفحيم، ما يهمنا في هذا المجال عملية التفحيم، وجاء في القرار وبالتحديد الفقرة (ب) منه:
الشروط العامة للتفحيم:
- يمنع صنع الفحم دون ترخيص رسمي صادر عن وزير الزراعة.
- يمنع صنع الفحم من أول تموز/ يوليو ولغاية 31 تشرين الأول / أكتوبر (المادة 101 من قانون الغابات تاريخ 7/1/1949).
- يمنع صنع المشاحر قرب الاماكن المأهولة على ان يتم تحديد مواقع البيادر من قبل مأموري الاحراج ويجب أن تكون البيادر محاطة بفسحة من الأرض بعرض 25 مترا منزوعة من الشوك والعشب والأشياء القابلة للإحتراق.
- على الملتزم إعلام مركز الاحراج والبلدية ومخفر الدرك عن موعد بدء وانتهاء أعمال الصيانة أو الاستثمار أو التفحيم كما يسري ذلك على نقل المواد الحرجية من الموقع.
كما أن هناك قوانين تحدد أنواع الأشجار المسموح قطعها فضلا عن طريقة التشحيل والتفريد وغيرها، ومن الجدير ذكره أن هناك طلبا كبيرا في الفترة السابقة لفصل الشتاء، كما شهدت تجارة الفحم ازدهارا كبيرا بسبب تدخين النرجيلة واستعمال الفحم فيها وخصوصا القطع الصغيرة.
جاج... والمشاحر!
وفي التفاصيل حول موضوع المشاحر، فإن مواطنين من المنطقة تحفظوا عن ذكر أسمائهم، أبلغوا "إليسار نيوز" عن تعديات من قبل مستثمر في المشاحر اسمه "ف.م." على أراض شاسعة في بلدة "جاج"، ودون ترخيص، أو ضمان للأراضي، وبعضها على مقربة من أرز جاج، طاول أشجارا حرجية من سنديان وغيرها، ولديه حوالي أربع مشاحر، وقد توجه مأمورو الأحراج إلى المنطقة، وتم تحرير ضبط، ولم تعرف قيمته ولا نص الضبط، ولكن المعضلة الأكبر، أن الأعمال ما زالت مستمرة على الرغم من أن هذه الفترة بين تموز / يوليو، وتشرين الأول / أكتوبر، ووفقا للقوانين يمنع فيها أعمال المشاحر (أعمال التفحيم)، وقد حددت الفترة بين تشرين الثاني / نوفمبر، والأول من تموز / يوليو وفقا للقانون بسبب مخاطر الحرائق، إلا أن ما يشهدونه في البلدة خصوصا بعد تفاجؤ بعض السكان بأراضيهم التي قطعت أشجارها، والعديد من المناطق اللبنانية، هو أن عملها متتابع وبوتيرة مستمرة ومتسارعة، ولا يكتفي المستثمرون بما ينتج عن أعمال "التشحيل"، بل يقومون بقطع مساحات من الأحراج لتحقيق مكاسب إضافية!
وأكد مصدر مسؤول من بلدية جاج هذه الواقعة، وأن "العمل مستمر دون ترخيص من البلدية، ولا قانونية الأعمال القائمة، وأن هناك عددا من المشاحر ولعدة أشخاص، وقد طاولت التعديات مساحات كبيرة من الأراضي، والخاصة منها بالتحديد التي يمتلكها ورثة عديدون أو المختلف عليها، حيث يصعب التقدم بشكاوى، وهناك مشاحر مرخصة ولكن على الرغم من ذلك يوجد تجاوزات، ولكن المشكلة حول بعض الأشخاص غير المرخصين الذين يستمرون بعملهم بعشوائية ودون روادع، ولم نشهد حالة عقاب رادع، ولأي منهم".
من جهة ثانية، حاولنا التواصل مع وزارة الزراعة لمعرفة مقدار الضبط والخطوات التي اتبعت بعد حصوله، ولكن وفي مثل هذه الحالات، التي تتطلب ردا آنيا، تقف التعليمات بضرورة الحصول على كتاب خطي من الوزير أو المدير العام شخصيا، بالتصريح للإعلام في المرصاد، فلم نتمكن من الحصول على توضيحات، لذا نضع هذه القضية برسم المعنيين من وزارات الزراعة، والبيئة لجهة منع العشوائية في توزع وأعداد هذه المشاحر التي تطلق أول أوكسيد الكربون الملوّث والسام، والعدل لمتابعة مخالفات هذه المشاحر وإقرار عقوبات رادعة بحق كل متعدٍ، وغيرها من الوزارات والمعنيين.