مصلحة الليطاني لمنع صيد واستهلاك الأسماك في القرعون!
خاص Elissar News
تستمر المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بإزالة التعديات على حرم النهر وعلى مجراه في المناطق اللبنانية، إلا أن همها لم يقتصر على ما يتعلق بمجرى النهر فحسب، بل وصل إلى ما يؤدي استهلاك مياه ومنتجات النهر من آثار على صحة الإنسان، وهو الأمر الذي لم يراعه البعض لجهة ما يؤدي استهلاك المنتجات الزراعية التي تستعمل مياه النهر، أو الأسماك التي يتم اصطيادها من آثار وخيمة على صحة الإنسان لما يتواجد في أنسجتها من مواد وترسبات سامة.
مشروع المنصات العائمة
ومن الجدير ذكره، أن المصلحة قامت مؤخرا بمشروع المنصات العائمة في بحيرة القرعون، للتخفيف من إنتشار الطحالب وحجب أشعة الشمس واستنزاف الأوكسيجين من البحيرة وما تبعثه من روائح كريهة فضلا عن إفراز مواد سامة ناجمة عن السيانوبكتيريا، بالتعاون مع World Waternet ضمن المشروع الهولندي والذي يتضمن وضع إحدى عشر منصة عائمة مثبتة في البحيرة تقوم بقياس نوعية المياه وتعمل بنظام الطاقة الشمسية للحد من نمو الطحالب، من خلال إصدار موجات ما فوق الصوتية، كما أن المصلحة منعت لهذا السبب عملية الصيد البري خصوصا الطيور المائية التي ترتاد البحيرة على اعتبار أن أي عطل يطاول إحدى هذه المنصات نتيجة الصيد وخلافه والتي لا تملكها المصلحة، تعود بالضرر على المشروع وسيتطلب إبدالها أو إصلاحها من قبل المصلحة، فضلا عن كون بحيرة القرعون والمياه التي تحتويها من أملاك مصلحة مياه الليطاني وليست أملاك عامة.
كتب للوزارات المعنية
وفي هذا المجال، ونتيجة للخطر الصحي لعملية اصطياد الأسماك من البحيرة وبعد تعرض إحدى هذه المنصات لعملية تخريب، وجهت مصلحة مياه نهر الليطاني ثلاثة كتب لوزراء الزراعة غازي زعيتر والصحة غسان حاصباني، والبيئة طارق الخطيب، وعنوان الكتب الرئيسي منع صيد الأسماك في محيط البحيرة لحين إثبات عدم تلوثها وإثبات صلاحيتها للإستهلاك البشري.
وأشارت الكتب إلى وضع البحيرة البيئي الخطير الحالي، الناجم عن الزيادة الكبيرة لمعدلات تصريف مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي، المترافق مع شح المياه والذي أدى لزيادة تكاثر أنواع محددة من السيانوبكتريا بشكل غير طبيعي وتسببت بفرز مواد مسمة في البحيرة والقضاء على كل الاحياء المائية، ومن أكثر الانواع ضررا المتواجدة حالياً نوع Microcystis aeruginosa الذي يفرز مواد microcystine، وهذه الاخيرة بالإضافة إلى تسببها بالقضاء على التنوع البيولوجي، مسؤولة عن موت أعداد كبيرة من صغار السمك، وسببت حالات تسمم خطيرة للحيوانات الداجنة. كما ان الانسان يتأثر بشكل مباشر من خلال الاستعمالات الشتى للمياه الملوثة، وخصوصا عند ممارسة السباحة. ومن الاضرار الصحية المحدقة به التسمم، الأمراض الجلدية، الحساسية خصوصا وأن هذه السموم يمكن أن تكون سبباً لسرطان الكبد ولأمراض معدية عديدة.
ولفت النص أيضا إلى إقرار المجلس النيابي القانون رقم 63 تاريخ 27/ 10/ 2016، المتضمن تخصيص اعتمادات لتنفيذ بعض مشاريع وأعمال الاستملاك العائدة لها في منطقة حوض الليطاني من المنبع إلى المصب، والمصحح في العدد 9 من الجريدة الرسمية تاريخ 23/ 2/ 2017، على أن تنفذ هذه الأعمال خلال سبع سنوات وتنتهي في العام 2023، كما صدر القانون 64 المتعلق بالموافقة على اتفاقية قرض "الحد من تلوث بحيرة القرعون"، والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 52 الصادر في 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2016، كما تم تشكيل لجنة الإشراف على حسن تطبيق خارطة الطريق العائدة لمكافحة تلوث بحيرة القرعون بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 32، بتاريخ 9/5/2014 والقرار رقم 17 بتاريخ 21/7/2016.
تخريب وفك إحدى المنصات
وتابع النص أنه "على الرغم من ذلك، استمر صيد الأسماك في بحيرة القرعون، من باب الحفاظ على الأرزاق، وكأن كل هذه القوانين واللجان وانتشار السرطان لا يعني أسماك البحيرة، بحجة أن بيعها يؤمن مصدر رزق للبعض، بالرغم من أن استهلاكها يؤمن موت الآخرين".
وكانت المصلحة قد تقدمت للمراجع الأمنية والإدارية المتخصصة بطلب حماية هذه المنصات البالغة قيمتها 400 ألف دولار (والمقدمة مجانا) ومنع الصيد في البحيرة، وقد صدر تعميم الى البلديات من وزارة الداخلية بوجوب اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الصيد بنوعيه البري والبحري.
وأكد النص أن "أعمال الصيد والأنشطة غير المشروعة في البحيرة استمرت على نحو ألحق أفدح الأضرار بالتجهيزات، وتفاجأت السلطات المعنية مساء أمس 20 أيلول/ سبتمبر 2018 بوجود إحدى المنصات على ضفاف البحيرة بعد أن قام مجهولين بتخريبها وفكها، وتضررها بسبب نشاط صيادي الأسماك في البحيرة والقوارب المستخدمة من قبلهم في الصيد، إضافة إلى أنشطة الصيد بواسطة الديناميت، مما جعل من استمرار صيد الأسماك في البحيرة كارثة صحية على المستهلك اللبناني الذي يجبر على تناول أسماك مسرطنة وكارثة على الأموال العامة حيث تهدر هذه الأموال والمعدات المخصصة للحد من التلوث".
وختم النص بالطلب من معالي الوزراء "وبناء على كافة التقارير العلمية التي تؤكد أن الأسماك في بحيرة القرعون ملوثة وغير صالحة للإستهلاك، وبناء على ضرورات حماية صحة اللبنانيين ومقتضيات الصحة العامة، بمنع صيد الأسماك في بحيرة القرعون، ومنع بيعها واستهلاكها لحين إثبات عدم تلوثها وصلاحيتها للاستهلاك البشري، ولحين معالجة مشكلة التلوث في بحيرة القرعون"
سليم
وقال الخبير في البيئة المائية في مجلس البحوث العلمية كمال سليم لـ "إليسار نيوز"، "بعد أن غزت الطحالب السامة المعروفة باسم (سيانو باكتيريا) البحيرة، ونظرا لارتفاع حرارة الأرض المترافق مع تراكم الملوثات منذ حوالي عقدين، من دون أي اجراء تتخذه الدولة اللبنانية ،تم القضاء على التنوع البيولوجي داخل البحيرة، والسمك الوحيد الذي بقي يعيش داخلها من نوع كارب. ذلك أنها سمكة لا تحتاج الى الاوكسيجين، بل تتغذى من ترسبات المياه الآسنة، وهو ما يعني انه صنف بحري خطر لا يمكن استهلاكه"، وأضاف: "كما أن البحيرة لم تعد قابلة لاستصلاحها في عمليات الري والقناة مغلقة منذ مدة، لهذا السبب وصل الأمر إلى أن المياه تسبب حساسية جلدية، وتنشقها قد يسبب أمراضا صدرية وتنفسية كالربو، واحتمال الاصابة بالسرطان كبير".
وختم سليم "قبل معالجة التلوث في البحيرة من الخطر على صحة الناس استهلاك هذه الأسماك التي تختزن سموم البحيرة وتعيش في بيئة غير صحية بل ملوثة الى الحد الاقصى".