تلوث الليطاني... افرام لـ "إعلان حالة طوارئ يئية ومائية"!

مشاركة


خاص اليسار

المباشرة بالحل وبأسرع وقت وإلا وصلنا إلى نقطة اللاعودة

سوزان أبو سعيد ضو

تطالعك على الطريق الدولية (بيروت – دمشق) لوحات إعلانية بوسم (هاشتاغ) #الليطاني_شريان_لبنان، وهي لوحات تابعة لـ USAID واتحاد بلديات السهل واتحاد بلديات البحيرة، فيما توجه مصلحة نهر الليطاني الإنذارات للبلديات والمصانع والأفراد، وكنا مبادرين بنشر قائمة تضم بعض المصانع الملوثة على موقعنا News Elissar زودتنا بها المصلحة.

وفي 24 آب (أغسطس) شاركنا مع رئيس مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية ميشال افرام في جولة مع نواب المنطقة، لمعاينة 4 نقاط للتلوث تطاول هذا النهر الحيوي في لبنان، واختتمت الجولة بمؤتمر صحافي، أعلن فيه عن حالة طوارئ، ذلك أن التلوث في منطقة نهر الليطاني قد وصل إلى مراحل كارثية، وقد يصل إلى نقطة اللاعودة!

وقد ثابر رئيس مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية ميشال افرام، بإطلاق التحذير تلو الآخر ومنذ ما ينوف على 15 عاما، حول مشكلة المجاري المائية في لبنان بشكل عام ونهر الليطاني بشكل خاص لجهة التلوث، والتغير المناخي، وتوالي الظواهر المناخية المتطرفة، وغيرها من التحديات التي تواجه المنطقة.

الجولة

وانطلقت الجولة الساعة العاشرة صباحا من أمام مبنى مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية في رياق، ورافق رئيس المصلحة الدكتور ميشال افرام نواب البقاع الأوسط جورج عقيص، ميشال ضاهر، سليم عون، سيزار المعلوف، عاصم عراجي وأنور جمعة، الباحث والأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية قسم علم المياه الدكتور ناجي الكعدي واعلاميين.

واستهلت الجولة بزيارة لجسر تل عمارة حيث رأى الوفد بأم العين قساطل شبكات الصرف الصحي وهي تصب مباشرة في مجرى الليطاني ودون معالجة، وفي المرحلة الثانية من الجولة في بلدة تربل تمت معاينة أشكال أخرى من التلوث الذي يصيب نهر الليطاني وروافده، وكان بعدها في النقطة الثالثة وبالتحديد جسر المدينة الصناعية في الدلهمية، حيث قساطل الصرف الصحي تصب في مجرى النهر، لينتقل الوفد إلى المحطة الرابعة في دير زنون حيث وصل التلوث الكيميائي والبيولوجي إلى مراحل كارثية.

افرام

بداية، عرض افرام لمدى التلوث بنتائج عينات مأخوذة من النهر وروافده، وأشار إلى أن "العينات المأخوذة من مياه نهر البردوني وصلت نسبتها الى 140 الفا، اما عينات مأخوذة من نهر الليطاني فوصلت الى مليار ومئتي مليون، وبالنسبة لعينات من نبع الغزيل فقد وصلت الى مئة الف، ومن بحيرة القرعون وصلت نسبة التلوث فيه الى اثني عشر الفا وثمانمئة، كما أن عينات من خضروات ورقية أظهرت وجود معادن ثقيلة بالإضافة إلى التلوث الجرثومي"، وأضاف أن: "حجم المتساقطات هو في تدن مستمر وهذا ما يزيد من نسبة التلوث ايضا، وتفاقم الوضع".

كعدي

من جهته أعلن الباحث كعدي عن "حال طوارىء مائية لجهة الكمية في منطقة البقاع خاصة وفي لبنان عامة"، وقال: "يشكل السكان في منطقة البقاع عنصرا من عناصر المنظومة البيئية في هذه المنطقة، وأي خلل سيصيب إحدى عناصر هذه المنظومة سينعكس علينا بشكل سلبي، لذلك سنركز في حديثنا على الخلل الهائل الذي تعاني منه لجهة كمية المياه في منطقة البقاع، ولا سيما المياه الجوفية بعد أن قدم الدكتور افرام معلومات عن نوعيات المياه".

وأضاف: "تكمن المشكلة في انخفاض مستوى المياه الجوفية حوالي 15 مترا منذ العام 2010، وقد جفت خلال الفصل الحالي من السنة أكثر من 18 من هذه الآبار في منطقة البقاع الأوسط والتي تعتبر من أغزر آبار المنطقة، ويعود سبب ذلك ليس الى تدني نسبة المتساقطات خلال هذه السنة أو توزيعها على مدار الفصل الرطب فحسب، إنما نتيجة الضخ الجائر للمياه الجوفية من الآبار التي لا تعرف أعدادها في المنطقة وبصورة عشوائية، فضلا عن زيادة الاستهلاك وغياب الإدارة الصحيحة من قبل السلطات المختصة، بالإضافة إلى كمية المياه المستعملة في ري المزروعات، والكتلة البشرية الكبيرة للاجئين السوريين التي أدت منذ العام 2011 الى زيادة استخدام المياه الجوفية إلى حوالي 24 بالمئة".

ولفت كعدي إلى أن "الحلول تتمحور حول ضرورة اجراء احصاء لعدد الآبار بشكل رسمي، وتطبيق القوانين الصارمة بحق كل من يستنزف المياه الجوفية وذلك من خلال التعاون والتنسيق بين الوزارات المعنية، فضلا عن وقف اعطاء رخص حفر الآبار بشكل عشوائي لا قبل ولا بعد الإنتخابات، وتركيب عدادات على الآبار المحفورة لضبط استخدام المياه، فعندما يدفع المواطن يمكنه أن يحدد استخدامه للمياه وبالتالي وقف الهدر لذا فالأهم هو زيادة التوعية الذاتية التي يمكن أن تحل 50 بالمئة من المشكلة خصوصا في ظل غياب تطبيق القوانين".

وأشار الى أن "النتائج التي تترتب من مشكلة المياه التي يعاني منها البقاع، هي تلف كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية التي تعتمد على الري كالبطاطا"، وأضاف: "من المتوقع أنه بحلول العام 2040 ستعاني المنطقة من أزمة جفاف اذا بقي الوضع على حاله".

وختم كعدي: "بناء على كل ما تقدم نطلب من الدولة والجهات المختصة بصفتنا باحثين في هذا المجال أن تقوم بإعلان حالة الطوارئ المائية في منطقة البقاع خاصة وفي كل لبنان عامة".

عقيص

بدوره، قال النائب والقاضي السابق جورج عقيص: "كنا نسمع عن التلوث بنهر الليطاني وروافده، ولكن كان لنا اليوم فرصة لمشاهدة مدى فداحة الضرر في هذه المناطق، لتبقى هذه الصورة أثناء مطالباتنا بتسريع عجلة الإنقاذ"، وأضاف: "اليوم نتكلم عن موضوعين مهمين للغاية، الأول موضوع تلوث المياه نتيجة عوامل عديدة، وعن مسألة شح المياه المتفاقم الذي لفت إليه الدكتور كعدي".

وتابع: "نحن كقوى سياسية ونواب، مطالبون بالضغط أكثر وأن نسمع صوتنا لتطبيق برنامج القانون الذي يرفع التلوث، نحن اليوم بحاجة للمباشرة بتنفيذ الأعمال وانطلاقها وتلزيم محطات التكرير ومد شبكات الصرف الصحي خصوصا أن هناك برنامجا وأموالا رصدت لهذه الغاية، بالإضافة إلى أن الوضع أصبح بخطورة بحيث لا يحتمل أي تأجيل، وأي تأخير في صرف الإعتمادات والشروع بالتنفيذ هي جريمة موصوفة بحق كل مواطن وسكان قضاء زحلة، رفعا للضرر الحاصل وإنقاذ حياة السكان والإنتاج الزراعي في المنطقة".

عراجي

واعتبر عراجي أن "نهر الليطاني والتلوث كارثة وطنية"، وقال: "أنا من بلدة بر الياس ومنذ انتخبت في 2005 وأنا أتابع الموضوع، وقدمت عدة أسئلة للحكومة"، تطرق الى المراحل السابقة التي انجزت برنامج قانون مخصص لرفع التلوث عن نهر الليطاني من أقصى شمال البقاع الى أقصى جنوبه في 2016، وما رصد من أموال لمكافحة هذا التلوث أي ما يقدر بحوالي 250 مليار ليرة لهذا الهدف"، وقال: "كطبيب لا زلت أمارس مهنتي ألحظ تفشي أمراض السرطان في القرى الواقعة على مجرى نهر الليطاني وقد وصلت إلى نسب كارثية، ولا أبالغ إن قلت أنه شهريا هناك في بر الياس بين 3 و5 وفيات نتيجة مرض السرطان"، وأوضح أن "السبب هو التلوث وخصوصا الصناعي، ويقدر أن 85 بالمئة من التلوث جرثومي و15 بالمئة صناعي، لذا يجب الضغط على المصانع بمنعها من رمي مياهها في النهر دون معالجة، وقد تابعنا بالعديد من الشكاوى في السراي الحكومي، وبرأيي كل مصنع لا يلتزم يجب إقفاله، وإلا فكل منا معرض لمرض السرطان وفي كل لبنان".

المعلوف

أما المعلوف فقال: "القضية أكبر من مشكلة تلوث الليطاني فهي قضية وطنية، وشاهدناها بأم العين"، وقال: "ما شاهدناه يجعلنا نتساءل إن كنا نعيش في دولة او في مزرعة؟"، وأضاف "البيئة مهمة للغاية والزراعة والسياحة، وكيف سيكون هناك سياحة في نهري الليطاني والبردوني وسط هذا التلوث، أولا اللجوء السوري أحد هذه الأسباب وثانيا ثقافة الشعب، فليست الدولة هي الملومة فحسب بل المواطن أيضا، وعلينا تثقيفه، ثالثا أنا مقرر لجنة الزراعة والسياحة، وهذه القضية لها أولوية ولن نكون شهود زور، بل سنعمل على إرجاع نهر الليطاني كما كان، ونعمة المياه التي نتمتع بها في لبنان وسط محيطه لنحافظ عليها".

جمعة

من جهته، قال جمعة: "ما شاهدناه خلال الجولة مخيف، والارقام التي سمعنا بها مرعبة، وعلى الدولة وجميع مؤسساتها ان تستفيق من كبوتها وتطلق المعالجة لانقاذ البشر، فالصرخة اليوم هي أن الوضع كارثي وليس أقل من ذلك، وإلا فلسنا مخولين بمعالجة هذا الملف ولخدمة الناس الذين انتخبونا"، وأضاف "تقول الآية الكريمة جعلنا من الماء كل شيء حي، فهل من المعقول أن يتحول الماء إلى كل شيء مميت؟"، وتابع : "بالأرقام التي أطلعنا عليها اليوم، فهناك بين أربعة وخمسة ملايين لبناني محكومون بالإعدام مع وقف التنفيذ، ولا ندري متى يأتي دورنا، هذا التراخي في التنفيذ غير مقبول منا ومن أجهزة الدولة كافة طالما القوانين والأبحاث موجودة والموازنات والاموال مرصودة لمعالجة هذه الكارثة، إلا التنفيذ، وإذا شهدنا التنفيذ يكون عشوائيا، فكل لبنان معني وليس نواب زحلة فحسب"، وأضاف:"الحلول متاحة والدراسات واضحة والإرادة موجودة، ولكن هذه الصورة المشوهة التي نعطيها كل مرة لبلدنا"، وختم قائلا "أعطي كل شيء لكي أعيد الليطاني النهر الجميل كما كان في صغري".

ضاهر

وقال ضاهر: "هذه المشاهدات في هذه الجولة هي صورة تعكس الدولة الفاشلة،وسنكون مع الرئيس إيلي الفرزلي ونواب البقاع في 3 أيلول/سبتمبر لإطلاق صرخة على مستوى لبنان، وهذه الخطوة أولوية، ويفرض علينا هذا الواقع المباشرة بالمعالجة والاهتمام بمشكلة التلوث وموضوع الصرف الصحي قبل الاهتمام بأي مشروع حيوي آخر، وأن يعطى الأولوية القصوى في متابعاتنا لامور المنطقة".

عون

من جهته، قال عون: "لن أكرر ما قاله زملائي ولكن بالمختصر، أضم صوتي إلى صوت الجميع، فالصورة جامعة ليس بالشكل بل بالمضمون ، اليوم تخطينا جميع الإختلافات والألوان والإتجاهات"، ولفت إلى أن: نحن 6 نواب اليوم من قضاء زحلة، وهناك 23 نائبا يفترض بهم ان يبدأوا العمل، أي خمس المجلس النيابي، ويجب ألا ينحصر العمل بعدد النواب هذا، انما يجب تجنيد 128 نائبا للتخلص من هذه الكارثة"، وختم قائلا:" المعالجات واضحة، فصيانة الشبكة والفوضى بحفر الآبار واستحداث محطات التكرير، وغيرها من المعالجات لنعمل سويا من اجل ايجاد الحل لهذه الكارثة ويجب الاسراع في التنفيذ، للوصول إلى خاتمة سعيدة".

افرام لـ  Elissar News

وفي حديث لـ Elissar News، قال افرام: "عنوان هذه الجولة تلوث الليطاني، وبالتحديد إعلان حالة طوارئ بيئية ومائية في أنهر لبنان كافة وخصوصا الليطاني، وهناك تقرير سيرفع في نهاية أيلول (سبتمبر)، وهو تقرير يصدر سنويا حول حالة مياه الأنهر في لبنان، ومياه شاطئ البحر والينابيع ومياه الشرب، وكل ما له علاقة بالمياه في لبنان، وسنضع في هذا التقرير كافة المواقع بالأسماء والإحداثيات للمناطق والقرى وبالأرقام لعينات أخذت منها".

وقال: "في هذه الجولة ركزنا على نهر الليطاني، ولكني أود لفت النظر أن هناك الكثير من الأنهر في كافة المناطق تعاني من التلوث، وحتى الأنهر الساحلية، وهذا التلوث يزداد مع الوقت"، وأضاف: "كلمحة عامة لهذه الجولة فالصورة سوداء، نهر الليطاني لم يعد نهرا بل أصبح مجرى صرف صحي، ومع الحرارة المرتفعة تتخمر فيه هذه المواد وتتبخر منها المياه، وهو مصدر أوبئة وأمراض، والأخطر أن مياهه تستخدم في الزراعة، وأظهرت تحاليلنا المخبرية ترسبات معادن ثقيلة ومواد كيميائية وجراثيم تصل إلى الخضروات المروية بنهر الليطاني خصوصا الخضروات الورقية مثل البقدونس والنعنع والخس وغيره، أما الفواكه فنسب التلوث فيها أقل ".

وتابع افرام: "لا يمكننا معرفة مصدر الخضروات التي تصل إلى مائدة اللبناني، فليس هناك تتبع، وقد يلومنا البعض على ما نقوله، لجهة الصورة القاتمة والوضع السوداوي والتشاؤمي الذي نضعه أمام المواطن اللبناني، إلا أننا نتكلم عن واقع علمي وخطر، وأردنا أن يشاهد نواب المنطقة ما يحدث، لكي يتأكدوا من خطورة الوضع".

وضع كارثي

وأضاف: "من واجباتي أن أقول أن الوضع خطر دون أي اعتبارات أخرى، لا سياسية ولا اقتصادية ولا سياحية، واعتباري الوحيد هو ايصال المعلومة الصحيحة للمواطن اللبناني عن حالات التلوث".

وعند سؤاله عن حالة الرعب التي يمكن أن تنتج من هذه المعلومات أجاب: "من المفروض أن يكون هناك حالة رعب حتى يحصل التغيير، فهناك مرض وعلينا معرفة معلومات عنه ليمكن أن نعالجه بطريقة سليمة وكاملة، وعلينا أن نتحرك وبأسرع وقت".

وعن إمكانية إيجاد حل، لفت افرام إلى أن "هناك حل ولكن يحتاج للوقت، فتنظيف النهر ليس هو الحل، بل أولا يجب إزالة كافة التعديات البيئية والتلوث ومياه الصرف الصحي والمصانع والنفايات عن النهر، ثانيا وبعد أن نقوم بهذه الخطوات يمكن عندها أن نباشر بتنظيف النهر، وهذا ينطبق على كافة الأنهر، فتنظيف المجرى ليس حلا".

وقال افرام: "منذ نيسان/أبريل، وكل عام، أطالب بإعلان حالة طوارئ مائية وبيئية، بكل ما يتعلق بكمية ونوعية المياه في لبنان لجهة التلوث خصوصا، واليوم سعادة النواب طالبوا بما أطالب به بعد أن رأوا مدى خطورة الوضع، ووعدونا كما شاهدتم في المؤتمر الصحافي بمتابعة الموضوع، ومن جهتنا سنقوم بعملنا بمتابعة إصدار التقارير وبالإستناد إلى التحاليل العلمية".

وأشار إلى أن "الإعتمادات متوفرة كما أشار النواب في المؤتمر الصحافي، وهناك مجال لحل المشاكل وعلى كامل المجرى، فالتلوث ليس محدودا هنا بل يصل إلى البحر الأبيض المتوسط ويطاول الأنهر الساحلية أيضا، وبالمجمل فكل ما على مجرى نهر الليطاني ملوث، كما هو الحال بعدد كبير من الأنهر ومصادر مياه في لبنان، وفي كافة المناطق، وما يطبق عليه يجب تطبيقه عليها كافة، لأننا لسنا قادمين إلى كارثة فحسب، لا بل وصلنا إلى وضع كارثي، وعلينا المباشرة بالحل وبأسرع وقت وإلا وصلنا إلى نقطة اللاعودة".

 

 







مقالات ذات صلة