تحويل نفاياتنا إلى سلعة...غاز ثاني أوكسيد الكربون!
خاص Elissar News: قسم الترجمة واللغات
في حين يتابع العديد دور وآثار غاز ثاني أوكسيد الكربون CO₂ لجهة التغير المناخي، والمساهمة بالإحترار المناخي، يعاني مصنعو الأغذية والمشروبات لجهة تضاؤل مخزونهم من هذا الغاز الضروري لصناعاتهم، ومنها صناعات مثل صناعة البيرة والصودا، التي واجهت نقصا في توريد هذا الغاز الهام لها، فلماذا لا يمكننا أن نلتقط هذا الغاز من الجو لاستخدامه في الصناعات المختلفة؟
استخدامات عدة
وفقا لمقال في موقع الإندبندنت The Independent، فإن أزمة نقص CO₂ قد تهدد العديد من الصناعات كمصانع الأسمدة الأوروبية الكبرى التي اضطرت للإقفال فترة بسبب تأخر أعمال الصيانة الضرورية، ما أدى إلى كميات أقل من الأمونيا، وهو منتج هام من هذا الغاز.
فهذا الغاز مهم لحياتنا المعاصرة فبالإضافة إلى استخدامه في العديد من العمليات الجراحية والطبية، فهذا الغاز هام لاستخراج النفط، كما يستخدم لتخدير الحيوانات قبل ذبحها، ولتصنيع الجليد الجاف لتبريد هذه اللحوم، وصناعات البيرة والمشروبات الغازية، ونوع من فطائر الفطور الإنجليزية المعروفة باسم crumpets حيث أعلنت معامل Warburton’s المنتج الأكبر لهذه الفطائر إقفال إثنين من معاملها الأربعة، بسبب النقص في هذا الغاز المستخدم في التعليب، فضلا عن استخدامات عدة ومتنوعة.
مورد قيّم!
ووفقا للبروفسور في مجال الهندسة الكيميائية من جامعة شيفيلد University of Sheffield بيتر ستايرينغ Peter Styring في مقال في موقع The Conversation فإنه من الممكن في الواقع التقاط CO₂ من الغلاف الجوي باستخدام عملية تعرف باسم "التقاط الهواء المباشر"، وفي الواقع، هناك عدد من الشركات في كافة أنحاء العالم، بما في ذلك واحدة في سويسرا وأخرى في كندا، يمكنها بالفعل تنفيذ هذه العملية، من الناحية النظرية ، يمكن أن تتحول المشكلة إلى مورد قيم، لا سيما في البلدان النامية ذات الثروة الطبيعية الأخرى.
والمشكلة هي التكلفة، في حين أن كميات CO₂ في الهواء قد تضر بالمناخ، إلا أن هناك نسبيا عدد قليل جدا من هذه الجزيئات وعملية امتصاصها مكلفة جدا، ولكن قد تكون هناك حلول أخرى يمكن أن تساعد في الحد من انبعاثات الكربون وتوفير مصدر جديد من هذا الغاز للصناعة.
وفي هذا المجال فالمسألة تتمحور حول تركيز هذا الغاز فضلا عن استهلاك الطاقة، فكمية CO₂ في الهواء (والذي يتكون في الغالب من النيتروجين والأوكسجين) هو حوالي 400 جزء في المليون أو 0.04 بالمئة، وإذا كان لنا أن نمثل حقيبة مليئة بكرات تمثل جزيئات من الهواء وتحتوي 5000 كرة، فسيكون اثنان منها فقط عبارة عنCO₂ ، لذا فسحبها من الحقيبة سيكون صعبا للغاية.
التقاط الكربون
ولكن يمكننا التقاط CO₂ باستخدام ما يعرف بالمواد الماصة sorbent material التي تتفاعل فيزيائيا أو ترتبط مع الغاز على المستوى الجزيئي، ولالتقاط كمية مناسبة من CO₂ من الهواء، يحتاج الأمر إلى ضغط كميات هائلة من الهواء من أجل تمريرها من خلال المواد الماصة، وهو أمر يتطلب الكثير من الطاقة.
إن عادم محطات الطاقة هو مصدر أكثر تركيزًا لـ CO₂ وأحد المصادر المسؤولة عن الكثير من إجمالي انبعاثات الكربون، وقد أطلقت المسابقة في مجال التقاط الكربون Carbon XPRIZE، وهي منافسة لتشجيع تطوير تكنولوجيا التقاط الكربون واستخدامه، وقد تأهلت عشرة مشاريع للتصفيات النهائية التي تركز على التقاط CO₂ من محطات توليد الطاقة بدلاً من الغلاف الجوي.
ومع ذلك ، في حين أن تركيز CO₂ النموذجي حوالي 10 بالمئة (600 كرة من أصل 5000 في المثال السابق) في عادم محطة توليد الكهرباء وهي كمية أكبر بكثير من الهواء، فإن التقاط CO₂ سيظل طريقة مكلفة لتنقية الغاز باستخدام التقنيات الحالية، وتحتاج التقنية أيضًا إلى إزالة بخار الماء في العادم، الأمر الذي يتطلب المزيد من الطاقة.
مصادر أفضل
ومع زيادة أهمية التقليل تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو، أو إذا كان المطلوب إنتاج الغاز في مواقع نائية بمصادر طاقة متجددة كبيرة، فإن عملية التقاط الكربون من الهواء مباشرة يمكن أن تصبح تقنية قابلة للتطبيق، ولكن في الوقت الحالي توجد مصادر CO₂ أكثر تركيزًا وأقل تكلفة بكثير.
فعلى سبيل المثال، تقوم معامل التقطير ومصانع الجعة بإنتاج الغاز كنفايات ذو درجة نقاء عالية (أكثر من 99.5 بالمئة) بمجرد إزالة أي ماء منه. كما أن أعمال الأسمنت وأعمال الصلب وصناعات العمليات الأخرى تحتوي تركيزات عالية نسبياً من هذا الغاز، وبالتالي فإن بناء منشآت أصغر حجماً لالتقاط CO₂ من المصانع الفردية سيكون طريقة أرخص لإنشاء مصدر جديد لهذا الغاز، وقد يثبت أيضًا استثمارًا جيدًا في المصانع التي تحتاج إلى إمدادات من CO₂ خاصة بها لتنفيذ عملياتها.
ويؤثر النقص الحالي في CO₂ بشكل رئيسي على صناعة الطعام والشراب، لكننا بدأنا نرى حوافز أكبر لاستخدام CO₂ في صناعات أخرى كطريقة لخلق سوق لمادة هي عبارة عن منتج ضار يساهم في تغير المناخ الخطير، فيمكنك الآن شراء المواد الكيميائية ومواد البناء التي بدأت الحياة كجزيئات CO₂ بدلاً من الوقود الأحفوري، على سبيل المثال، المجاميع المعدنية التي تلتقط في الواقع كميات أكبر من الكربون مما يستخدم لإنتاجها وتصل إلى ما يمكن لقدرة مئتي ألف شجرة سنويا.
ومع ظهور المزيد من التكنولوجيات للاستفادة من غاز ثاني أكسيد الكربون، سيزداد الطلب على الغاز، وكذلك ستزداد الحاجة إلى المزيد من الإنتاج المحلي، ويتمحور المستقبل حول تحويل النفايات إلى سلعة.
المصادر:The Independent، The Conversation.