هل عاد قنفذ البحر "التوتيا" إلى بحر لبنان؟

مشاركة


البيئة بحار ومحيطات

خاص Elissar News

يتذكر مرتادو البحر في العقود الأخيرة، كم كانوا يصادفون كائنات حية كثيرة وبأعداد كبيرة في البحر اللبناني، فعلى سبيل المثال كان الإسفنج البحري يتواجد بكثرة، حتى انقرض تماما من بحرنا، فضلا عن انخفاض في أنواع  وأعداد من الأسماك وصولا إلى اختفاء بعضها لتحل مكانها أنواع أخرى، ومعظمها غازية، ونذكر على سبيل المثال مؤخرا الارتفاع المطرد في أعداد سمك المنفخ (النفيخة)، فضلا عن أعداد سمكة "الفراشة" ويطلق عليها اسم "الأسد" أيضا، إضافة إلى أنواع غيرها حلت على حساب أنواع عدة، أما التوتيا موضوع هذا المقال، فقد أصبحت قليلة للغاية، لتوثق صفحة "البحر اللبناني" بالفيديو، صيادين يبيعون أعدادا كثيرة من هذا الكائن الحي الذي غدا تواجده نادرا.

البحر اللبناني

ودار نقاش على صفحة "البحر اللبناني"على موقع "فيسبوك"، الذي نشر فيديو أرسله أحد الناشطين، يظهر صيادين يتاجرون بكميات كبيرة منه، حول هذا الكائن وسبب تناقص أعداده، منهم من عزا الأمر إلى التلوث وارتفاع درجات الحرارة العالمية نتيجة تغير المناخ، أو إلى عوامل عدة مجتمعة ومن بينها الصيد الجائر لهذا الكائن الحي، واستخدام الوسائل غير القانونية في الصيد، أو أمراض أصابتها، وتكاثر أسماك غازية مثل سمكة المنفخ التي تتغذى عليه بكثرة، وقد يكون قلة غذائها من النباتات، ولفت البعض إلى أن هذه الكمية ربما أحضرت من الساحل السوري حيث تتواجد أعداد أكثر مما في لبنان، وأشار أحدهم إلى أن "الحبة" تباع بدولار واحد بينما كانت في السابق تباع 100 "حبة" بـ 12 ألف ليرة، وهذا يدل على ندرة هذه الحيوانات.

التوتيا

وقال الباحث في العلوم البحرية في قسم البيولوجيا في الجامعة الأميركية البروفسور ميشال باريش، لـ  Elissar News: " هناك 900 نوعا من قنفذ البحر (التوتيا) Sea Urchin في العالم، وثمة عدة أنواع في لبنان، منها نوعان شائعان يعرفهما الصيادون، ويعتقدون أنها نوع واحد أحدهما أنثى تؤكل والآخر ذكر، والحقيقة أن التوتيا الملونة أو القنفذ الأرجواني واسمه العلمي Paracentrotus lividus ويشار إليه بالأنثى ويؤكل، وأما القنفذ الأسود واسمه العلمي Arbacia lixula ويشار إليه بالذكر فلا يؤكل، وقد قمنا بإعداد فيديو خاص بهما لصفحة Stories of Sea Lebanon على موقع (فيسبوك) باللغة العربية والإنجليزية بهدف التوعية وتثقيف المواطنين حول هذا الحيوان".

وأضاف: "الكميات في الفيديو كبيرة، ولا أعرف من أين تم اصطيادها فقد انخفضت كمية التوتيا في البحر اللبناني بشكل حاد، وقد يكون السبب الصيد الجائر، ولكن قد تكون هناك عوامل عدة"، وأشار إلى أن "هذا الكائن لا يتأثر كثيرا بالتلوث بمياه الصرف الصحي، ولكن ارتفاع حرارة الماء قد تكون أثرت عليه، وقد يكون السبب ازدياد أعداد سمكة المنفخ، أو عوامل أخرى لا نعرفها".

ولدى سؤاله عما إذا كانت ثمة طرق للمحافظة على أعدادها، قال باريش: "لا يمكن أن نعمل على علاج مشكلة انخفاض أعداد هذا الكائن لوحده، بل يجب اعتماد استراتيجية شاملة على مستوى الدولة تشمل قوانين وحماية للأنواع، لعلاج متكامل وليس لوضع التوتيا فحسب، بل للمشاكل العديدة التي يواجهها البحر، ولتحسين وضعه، وذلك بالتعاون بين أجهزة الدولة والمواطنين ومراكز الأبحاث ليتعافى أكبر عدد من الأنواع بالتدريج وليتكاثر"، وعن وجود هذه الكميات قال: "يمكن أن هؤلاء الصيادين قد وجدوا مكانا موجودة فيه بكثرة فجمعوا هذه الكميات، ولكن لا شك أن تكاثرها قد انخفض بصورة كبيرة".

وأشار باريش إلى أن "التوتيا تتغذى على الأعشاب herbivore، وهي من المأكولات المميزة إذ تعتبر من delicacies وتؤكل نيئة، ويستهلك منها أجهزتها التناسلية gonads، أي أنها تؤكل وهي تستعد للتكاثر، وقد يكون هذا هو سبب انخفاض أعدادها".

وقال باريش: " طريقة حمايتها صعبة خصوصا أننا لا نعرف أسباب انخفاض أعداده، فالقضية تحتاج لأبحاث، لا سيما وأن هناك بعض الحيوانات عندما تتراجع أعدادها دون حد معين، فمن الصعب عودتها إلى حالتها الطبيعية حتى لو قمنا بحملة لحماية كاملة والمحافظة عليها".

تحديات عدة

مما لا شك فيه أن البحر اللبناني وكائناته تواجه تحديات عدة، فبالإضافة إلى التلوث بمياه الصرف الصحي والصناعي والكيميائي الذي يتدفق إليه عبر المجاري المائية العديدة، حيث لا يخلو الشاطئ وعلى مسافات متقاربة من مصب لهذه المياه، فضلا عن الإحترار العالمي وتغير المناخ، كما وتشكل الأسماك والكائنات الحية الغازية تحديا جديدا، فهي تقوض التوازن الإيكولوجي، وتتسبب في انخفاض أعداد متوطنة وقد تصل إلى الإنقراض، كما ويساهم الصيد الجائر وخصوصا لهذا النوع وهو على وشك التكاثر في انخفاض أعداده إلى درجات غير مسبوقة ليصل إلى مراحل الخطر، وهذا الأمر لا تعاني منه قنافذ البحر فحسب بل مجموعة كبيرة من الأسماك والحيوانات البحرية، على سبيل المثال السلاحف البحرية المهددة بالإنقراض، وفقمة الراهب النادرة، وعلى الدولة ممثلة بوزارة الزراعة العمل على خطة شاملة تسمح بتعافي البحر وعودة الكائنات الحية إلى سابق عهدها، وهذا سيخدم كافة الموارد الإقتصادية من صيد واستجمام وسياحة بيئية وغيرها، كما على الأفراد التحلي بالوعي البيئي في ما يخص الصيد واتباع أساليب مشروعة والإبتعاد عن استخدام الشبك ذات الأقطار الصغيرة والديناميت وغيره.

:يمكن مشاهدة الفيديو الذي نشر على صفحة "البحر اللبناني" على موقع "فيسبوك" على الرابط التاليhttps://www.facebook.com/serji.molotov/videos/pcb.1028135567343145/2069774506428317/?type=3&theater&ifg=1







مقالات ذات صلة