الاكتئاب الموسمي وتغير المناخ
Elissar News
أثبتت أبحاث نفسية عديدة وجود علاقة كبيرة بين تعاقب الفصول الأربعة والتغيرات المناخية، وتغير الحالة المزاجية والصحية والجسدية للأشخاص، بل دفعهم إلى الهجرة، كما فعلت ظاهرة "الاحتباس الحراري".
ووفق هذه الأبحاث، فإن الأجواء الحارة تتسبب في شعور الأشخاص بالتوتر والانفعال، أما الربيع فيتميز بازدياد ساعات النهار، ومن ثم زيادة النشاط والحيوية والشعور بالطاقة الإيجابية، نتيجة لانتشار الزهور والورود، وفي المقابل تتناقص كمية أشعة الشمس في الخريف، ويزداد التعرض للضوء، ما ينتج شعورا بـ "الاكتئاب الموسمي".
ويربط أخصائيون نفسيون بين طاقة الإنسان وموعد مولده، فمن يولد والشمس مشرقة، يكون الضوء والحرارة مصدرين للطاقة والحيوية في حياته، بعكس من يولد في وقت متأخر من الليل.
ويعد الاكتئاب أكثر الاضطرابات التي من الممكن أن يُصاب بها الشخص نتيجة تغير المناخ، ومن الأمثلة الدالة على ذلك شعور مواطني الدول الإسكندنافية بالحزن وإصابتهم بالاكتئاب عند تساقط الثلوج وهبوب الرياح الرعدية في فصل الشتاء، ما يدفعهم في أغلب الأحيان للانتحار.
من جهته، قال الدكتور محمد مهدي، أستاذ الطب النفسي: "الاضطراب الموسمى، والاكتئاب بشكل خاص يصيب الأشخاص نتيجة للعوامل الوراثية أو الجينية، أو لوجود ضغوط في العمل، بجانب تناول المخدرات".
وأضاف: "ويمكن أن يحدث الاكتئاب للشخص أيضا نتيجة للظروف الخارجية، ففقدان شخص عزيز أو أموال أو وظيفة ما يؤدى إلى الاكتئاب، ويسمى وقتها (اضطراب توافق مع مزاج اكتئاب)".
وفي ما يتعلق بعلاقة التغيرات المناخية بـ "الاكتئاب"، أوضح مهدي: "هناك ما يسمى (الاكتئاب الموسمي)، الذى ينتشر بصورة كبيرة في فصل الشتاء، بسبب انتشار الغيوم وقلة حركة الأشخاص وعدم وجود تجمعات مقارنة بالصيف، وهو ما ينتج عنه في النهاية زيادة الشعور بالقبضة والوحدة والوحشة"، مضيفا: "التعرض للشمس وضوء النهار يعمل على تقليل الشعور بالاكتئاب"، بحسب ما أشارت "الدستور" المصرية.
وعن علاج "الاكتئاب الموسمي"، قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي: "يكون في هذه الحالة دوائيا من خلال مثبتات الناحية المزاجية، ومضادات الاكتئاب، بجانب العلاج من خلال السلوك المعرفي".
وأضاف: "عند حدوث التغيرات المناخية، تتعرض بعض الهرمونات للاضطراب، على رأسها النورادرينالين الذى تفرزه المستقبلات العصبية، وعند زيادته يتعصب الفرد، بجانب هرمونى السعادة والدوبامين اللذين يؤثران على المشاعر والسلوك".
وأشار إلى أن ذلك يؤدي إلى الشعور بالتشنج والرغبة في البكاء وآلام القولون، بجانب اضطراب "الرهاب" الذي يصيب بعض الأشخاص.
وكشف الدكتور على عبدالراضي، أستاذ الطب النفسي، عن أن المرأة أكثر عرضة لـ "الاكتئاب الموسمي"، بخلاف الرجل، نظرا لقابلية هرموناتها للاضطراب بصورة أكبر عند تغير الفصول، مشيرًا إلى أن الأعراض التي تصيبها تتمثل في اضطرابات النوم والأرق والانفعال لأتفه الأسباب وتشويش الفكر.
وأضاف: "تغير الفصول يضعف قدرة الأشخاص على مواجهة الضغوط النفسية التي يتعرضون لها، ويتسبب في خلل بمادة الميلاتونين المنظمة لدورة النوم"، مختتما: "من الضروري أن يكون هناك وعى كامل بما يمر به الأشخاص خلال تغيرات الفصول، للحصول على العلاج المناسب".
وتوصلت دراسة جديدة نشرها موقع PSMAG، إلى أن تغير المناخ ينعكس بشكل كبير على سلوكياتنا وصحتنا سواء النفسية والجسدية، وقال فريق البحث بقيادة عالم النفس بجامعة ميتشغان الأميركية، مايكل هول: "أجريت الدراسة على عدد من المشاركين لمدة عام، لمعرفة مدى تأثير تغير المناخ على الإنسان".
وذكرت الدراسة، التي نشرت في مجلة "علم النفس البيئي"، أن تغير المناخ يؤثر بشكل كبير في تقبل المواطنين لقرارات الحكومة، مثل رفع الأسعار، وصنف الباحثون، المشاركين في الدراسة، إلى 3٣ مجموعات: "متشككة - قلقة بحذر - قلقون للغاية".